بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى مرعي بن يُوسُف الْحَنْبَلِيّ الْمَقْدِسِي الْحَمد لله المنزه عَمَّا يخْطر بالبال أَو يتَوَهَّم فِي الْفِكر والخيال المحتجب برداء الْعِزّ والجلال لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير تحيرت الْعُقُول فِي حَقِيقَة ذَاته وتخبطت الأفهام فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته واندهشت الْأَبْصَار فِي جلال حضراته لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من منحته بغاية تكرمتك وخصصته بمشاهدة رؤيتك وَهُوَ مَعَ ذَلِك يَقُول سُبْحَانَكَ مَا عرفناك حق معرفتك يَا من لَا مثل لَهُ وَلَا نَظِير وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين سلكوا طَرِيق الْأَدَب مَعَ الله وَرَسُوله وسلموا فَسَلمُوا من مزلة الْقدَم ومذلة التَّقْصِير وَبعد فَإِن الْعلم بالتفسير أَمر مُهِمّ وَالْعلم بالتأويل أهم وتصفية الْقلب من شوائب الأوهام أَسْنَى وَأتم وَمن السَّلامَة للمرء

1 / 45

فِي دينه اقتفاء طَريقَة السّلف الَّذين أَمر أَن يَقْتَدِي بهم من جَاءَ بعدهمْ من الْخلف فمذهب السّلف أسلم ودع مَا قيل من أَن مَذْهَب الْخلف أعلم فَإِنَّهُ من زخرف الْأَقَاوِيل وتحسين الأباطيل فَإِن أُولَئِكَ قد شاهدوا الرَّسُول والتنزيل وهم أدرى بِمَا نزل بِهِ الْأمين جِبْرِيل وَمَعَ ذَلِك فَلم يَكُونُوا يَخُوضُونَ فِي حَقِيقَة الذَّات وَلَا فِي مَعَاني الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ويؤمنون بمتشابه الْقُرْآن وَيُنْكِرُونَ على من يبْحَث عَن ذَلِك من فُلَانَة وَفُلَان وإنكار الإِمَام مَالك على من سَأَلَهُ عَن معنى الإستواء أَمر مَشْهُور وَهُوَ فِي عدَّة من الْكتب مَنْقُول مسطور

1 / 46

هَذَا وَقد أَحْبَبْت أَن أذكر بعض كَلَام الْأَئِمَّة الخائضين فِي مَعَاني الْأَسْمَاء وَالصِّفَات الْوَارِدَة فِي الْأَحَادِيث والآيات وَإِن كَانَ الأولى ترك ذَلِك خوف الْوُقُوع فِي الزلل الذميم لَكِن لَا بَأْس بذلك مَعَ قصد الْإِرْشَاد والتعليم هَذَا وَلم أَقف فِي هَذَا الْفَنّ على مُصَنف وَلم أظفر فِيهِ بمؤلف وَإِنَّمَا جمعته من كَلَام الْأَئِمَّة مفرقا وذممته هُنَا مُلَفقًا يحْتَاج إِلَيْهِ الطَّالِب وَهُوَ من أجل المطالب وسميته أقاويل الثِّقَات فِي تَأْوِيل الْأَسْمَاء وَالصِّفَات فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَمِنْه أَرْجُو الْهِدَايَة إِلَى أقوم طَرِيق مُقَدّمَة أعلم وفقك الله أَن التَّفْسِير هُوَ بَيَان معنى اللَّفْظ

1 / 47

الْخَفي والتأويل هُوَ أَن يُرَاد بِاللَّفْظِ مَا يُخَالف ظَاهره أَو هُوَ صرف اللَّفْظ عَن ظَاهره لِمَعْنى آخر وَهُوَ فِي الْقُرْآن كثير وَمن ذَلِك آيَات الصِّفَات المقدسة وَهِي من الْآيَات المتشابهات وَقد اخْتلفُوا فَقيل الْقُرْآن كُله مُحكم لقَوْله تَعَالَى ﴿كتاب أحكمت آيَاته﴾ هود ١ وَقيل كُله متشابه لقَوْله تَعَالَى ﴿نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابها﴾ الزمر ٢٣ وَالأَصَح إنقسامه إِلَيْهِمَا وَالْمرَاد بأحكمت آيَاته أتقنت

1 / 48

وتنزهت عَن نقص يلْحقهَا رب متشابها أَنه يشبه بعضه بَعْضًا فِي الْحق والصدق والإعجاز وَاخْتلفُوا فِي الْمُحكم والمتشابه فَقيل الْمُحكم مَا وضح مَعْنَاهُ والمتشابه نقيضه وَقيل الْمُحكم مَا لَا يحْتَمل من التَّأْوِيل إِلَّا وَجها وَاحِدًا والمتشابه مَا احْتمل أوجها وَقيل الْمُحكم مَا تَأْوِيله تَنْزِيله والمتشابه مَا لَا يدرى إِلَّا بالتأويل وَقيل الْمُحكم مَا لم تَتَكَرَّر أَلْفَاظه والمتشابه الْقَصَص والأمثال وَقيل الْمُحكم مَا يعرفهُ الراسخون فِي الْعلم والمتشابه مَا ينْفَرد الله بِعِلْمِهِ وَقيل الْمُتَشَابه الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور وَمَا سوى ذَلِك مُحكم وَقيل غير ذَلِك وَقَالَ جمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ الْمُحكم مَا عرف المُرَاد مِنْهُ قيل وَلَو بالتأويل والمتشابه مَا اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ كالحروف الْمُقطعَة وَهُوَ معنى قَول بَعضهم إِن الْمُحكم هُوَ المكشوف الْمَعْنى الَّذِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ إِشْكَال وَاحْتِمَال والمتشابه مَا يتعارض

1 / 49

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.