قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: ٣٢].
ولهذه الأصناف تفصيلات كثيرة، وأحوال متنوعة، وأحكام مختلفة، ولكل أدلة شرعية، وشواهد واقعية، ولولا خشية الإطالة لسردت أدلة ذلك من الكتاب والسنة. ولكن ليس هاهنا محل تفصيلها،
المطلب الثالث: المقصود من هذا التقسيم:
المقصود من هذا التقسيم؛ أن يكون الداعية على بينة من أصناف الناس، وأحوالهم الإيمانية، ومواقفهم الاعتقادية، وأن يَختار لكل صنف خطابه، وما يناسب اعتقاده، ومستوى إيمانه، فيُخاطب الدهرين: في إثبات وجود الخالق ﷿، ويقيم البراهين على ذلك ..
ويُخاطِب أهل الكتاب في صحة رسالة الإسلام، وبعثة الرسول ﷺ، ووجوب الإيمان بالرسل جميعًا ..
وأما الضالون؛ فيُخاطَبون بتصحيح المرجعية، ووجوب الاتباع، واجتناب الهوى، وقواعد معرفة الحق، ومعنى الدليل.
ويُخاطِب المسلم العاصي يما يزيد من إيمانه، وبما يُحببه بالله تعالى ورسوله ﷺ، ثم يُخاطَب بمقتضى هذا الإيمان، وهذه المحبة .. ويُرغَّب في ذلك ويُرهَّب، ويُدعى بطرق زيادة الإيمان .. والتنبه إلى سبل الشيطان.
وهكذا، لكل صنف طريقتُه، ولكل مستوى مقالُه. (١)
(١) ولولا خشية الإطالة، لفصلت في هذا لأهميته، ولعل الله ييسر وقتًا لذلك.