الأنظار السديدة في الفوائد المفيدة
أعد هذا الكتاب إلكترونيا
قطب الدين بن محمد الشروني الجعفري
للتواصل
مخ ۱
مقدمة التحقيق
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الطاهرين. وبعد:
فهذا كتاب: (الأنظار السديدة في الفوائد المفيدة) للسيد العلامة المجتهد الولي علي محمد بن يحيى العجري رحمه الله تعالى، وهو الكتاب الرابع من كتبه التي ألزمت نفسي بتحقيقها، ويتبعه إن شاء الله قريبا موسوعته الضخمة الموسومة (بمفتاح السعادة الجامع للمهم من مسائل الاعتقاد والمعاملات والعبادة)، وهذا الكتاب الذي بين يديك اشتمل على مائة وأربعة وخمسين فائدة، وتحت كل فائدة فوائد عديدة في المسائل الكلامية والفقهية، وهو عبارة عن أبحاث متنوعة، رتبتها حسب موضوعاتها الفقهية والكلامية فكانت كالتالي:
وسائل الوصول إلى الحق، مباحث في القرآن الكريم، شرح بعض كلمات وصية الإمام علي لولده الإمام الحسن عليهما السلام، الأدلة وما يتعلق بها، مسألة التحسين والتقبيح العقليين، أفعال العباد وما يتعلق بها، الإيمان وشروطه وهل هو يزيد وينقص أم لا، العلة، الدعاء وأهميته في حياة المسلم، هذه هي أهم المباحث الكلامية.
وأما المباحث الفقهية فشملت الموضوعات التالية:
الماء والطهارة، الوضوء، الأذان، الصلاة، الزكاة، النكاح، الطلاق، الحضانة، النفقة، البيع، الشفعة، الإجارة، الإحياء والتحجر، الشركة، القسمة، العارية، الوقف، الوديعة، الكفارة، الدعاوى، الشهادة، القضاء، الجناية، الوصية.
هذه هي أبرز المباحث، ويتفرع عنها مباحث أخرى، وقد ضمنه قواعد المذهب، وطرزه بأقوال العترة الطاهرة عليهم سلام الله ورحمته وبركاته.
مخ ۱
أهمية الكتاب
تأتي أهمية الكتاب من خلال كلام مؤلفه رحمه الله تعالى، حيث قال: (فإنه مع المطالعة في الكتب الدينية الكلامية والفقهية قد يسمح النظر بتحصيل فائدة وتقرير قاعدة، وتقييد شاردة، خلا أنها لم تكن مجموعة في كتاب واحد، فرأيت جمعها لحفظها وتقريبها؛ للانتفاع بها، فجمعتها في هذا الكتاب مستعينا بالله العزيز الوهاب، مقتصرا على ذكر مذاهب العترة الطاهرة وأتباعهم النجوم الزاهرة).
وفيما يلي ترجمة للمؤلف ووصف للمخطوطة المنقول عليها، وإيضاح لخطة العمل، سائلا الله العظيم أن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
مخ ۱
ترجمة المؤلف
نسبه
هو السيد العلامة المجتهد الورع الزاهد علي بن محمد بن يحيى بن أحمد بن الحسين بن محمد -الملقب العجري- بن يحيى بن أحمد بن يحيى-الشهيد- بن محمد بن صلاح بن علي بن الحسين بن أمير المؤمنين عز الدين بن الحسن بن أمير المؤمنين الهادي إلى الحق علي بن المؤيد رضوان الله عليهم أجمعين. سيد العلماء الأعلام، وبدر أبناء الأئمة الكرام.
مخ ۱
مولده ونشأته
ولد بهجرة فلله سنة 1320ه، نشأ وترعرع في ظل أسرة علوية كريمة تحب العلم، وتشغف مكارم الأخلاق، توفي والده رحمه الله وعمره لم يتجاوز الثامنة، ثم كفله عمه السيد العلامة عبدالله بن يحيى العجري، واعتنى به عناية خاصة إذ نقله معه إلى مشهد الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام بحيدان، ورباه فأحسن تربيته، وأفاض عليه من علومه ومعارفه.
مخ ۱
حياته العلمية ومشائخه
ثم انتقل إلى هجرة ضحيان، ومكث بها فترة ثم رجع إلى صارة ، ومن صارة كان ينتقل مطلع كل أسبوع إلى هجرة فلله طالبا للعلوم، عاكفا عليها بعزيمة صادقة، وهمة عالية، محققا لمنطوقها والمفهوم، وكان من مشائخه آنذاك: السيد العلامة علي بن قاسم شرويد، والسيد العلامة أحمد بن عبدالله بن قاسم حوريه، والسيد العلامة عز الدين بن الحسن عدلان، والقاضي العلامة عبدالله بن عبدالله الشاذلي، والقاضي العلامة محمد بن هادي الفضلي... وغيرهم، إلا إن هؤلاء أكثر من لازمهم.
وقد برع في كثير من فنون العلم وبلغ غاية عظيمة في الاجتهاد، بالرغم من العوائق التي كانت تصاحبه أثناء طلبه للعلم. ولنترك ولده السيد العلامة يحيى بن علي العجري يحدثنا عن بداية طلبه للعلوم. قال: كان يتحمل طعامه في آخر كل أسبوع من محله بوادي صاره، ويصعد به الجبال الشاهقة، والطرق الوعرة، ويقاسي المشاق العظيمة مع صبر حسن، وعفة وزهد، وورع وعبادة، معرضا عن الدنيا، مشتغلا بالأعمال المقربة إلى الله، صارفا همته ورغبته في طلب العلم، وتحصيل الفوائد وتقييد الشوارد.
وقال أيضا: أخبرني رحمه الله أنه كان في ابتداء طلبه أيام بقائه بالهجرة يعود آخر الأسبوع إلى محله في يومي العطلة المعتادة (الخميس والجمعة)، وكان له في أثناء الطريق موضعان يجلس فيهما لتهدئة الأعصاب من وعثاء السفر، أحدهما للدفء والآخر للاستظلال، على حسب مقتضى الحال، وعند جلوسه في أحد الموضعين يجهد نفسه في دراسة مقروءاته في الأسبوع، ويصابر نفسه على أن لا يبرح حتى يتمها.
مخ ۱
(الجد بالجد والحرمان بالكسل). لقد أثمر جهده، وظهر جده، وجمع علوما غزيرة قل حاملها.
مخ ۲
انتقاله إلى مدينة ضحيان
ثم انتقل إلى مدينة ضحيان، مدينة العلم والعلماء بعائلته، وأخذ عن أشهر مشائخ العلم بها ومنهم: السيد العلامة عبدالله بن عبدالله العنثري، والسيد العلامة عبدالرحمن عبدالله العنثري، والسيد العلامة أحمد يحيى العجري، والسيد العلامة الحسن بن الحسين الحوثي، والسيد العلامة محمد إبراهيم حوريه، والسيد العلامة يحيى بن صلاح ستين، والقاضي العلامة علي بن محمد الغالبي، والقاضي العلامة سالم بن سالم عمر رحمهم الله جميعا.
وممن أجازه: السيد العلامة عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي، والقاضي العلامة الحسن بن محمد سهيل.
ولما عرف الناس -بشتى طبقاتهم- فضله، وغزارة علمه، قصدوه حسب حاجاتهم، فهذا لطلب العلم، وذاك لحل مشكلاته الاجتماعية، وآخر للفتوى، فكان غوثا للمساكين، معظما للعلماء والمتعلمين، حالا لهم كل الإشكالات العلمية، مصلحا بين المتخاصمين.
مخ ۱
تلاميذه
وله عدد من التلاميذ لا نستطيع حصرهم، وإنما نذكربعضهم معتذرين مقدما لمن لم يذكر اسمه، منهم: أولاده الأعلام يحيى ومحمد، وإبراهيم وحسين والسيد العلامة محمد بن حسين شريف والسيد العلامة أحمد حسن الحوثي والسيد العلامة أحمد بن محمد شمس الدين وأخوه إبراهيم بن محمد شمس الدين وولده العلامة قاسم إبراهيم، والسيد العلامة حسن قاسم الحوثي وأخوه العلامة أحمد قاسم الحوثي والسيد العلامة محمد حسن العجري والسيد العلامة عبداللطيف علي قاسم شرويد والسيد العلامة علي عبدالله حوريه وأخوه السيد العلامة درهم عبدالله حوريه والسيد العلامة عبدالله بن عبدالله بن عبدالله العنثري والسيد العلامة عبدالكريم محمد العجري وولده العلامة أحمد عبدالكريم العجري والسيد العلامة حسن بن عز الدين عدلان والسيد العلامة إسماعيل عبدالكريم شرف الدين والقاضي العلامة عبدالله أحمد جعفر والقاضي العلامة أحمد أبو دجانه... وغير هؤلاء كثير جدا.
مخ ۱
مؤلفاته وتراثه الخالد
خلف لنا تراثا عظيما خالدا لا زال العلماء يغترفون منه، وينهلون من معينه الصافي، ومن قرأ مؤلفاته وجد نفسه عاجزا عن التعبير عنها؛ لما يجده فيها من التحقيق والتدقيق والاستنباط والتخريج، وإمعان النظر في كثير من المسائل التي احتار فيها الكثير، وله مع علماء عصره مباحثات عديدة دلت على رسوخه، وسعة إطلاعه، ووقفوا منه موقف إعجاب وإجلال وإحترام، ومن أهم مؤلفاته:
(مفتاح السعادة الجامع للمهم من مسائل الاعتقاد والمعاملات والعبادة) تفسير موسوعي يقع في ثلاثة مجلدات ضخمة أتى فيه بعلوم غزيرة، وأنظار سديدة كثيرة، ويعتبر موسوعة علمية رائعة حوت فنونا كثيرة، قرآن وعلومه، وحديث ومصطلحه، وفقه وأصوله، وعقيدة وقواعدها، (تحت التحقيق).
(المقاصد الصالحة في الفتاوى الواضحة) جمع فيه أهم المسائل الواردة عليه، وضمنه فوائد عديدة، واجتهادات فريدة، وقد اعتنى بتنسيقه وترتيبه ولده السيد العلامة محمد بن علي العجري حفظه الله، وطبع سنة 1991م، وصدر عن دار الحكمة اليمانية.
(مختصر في ذكر رجال الزيدية)، وصل فيه إلى حرف العين، سنعمل على إتمامه، وتحقيقه إن شاء الله تعالى.
(الأنظار السديدة في الفوائد المفيدة) عبارة عن مذكرات في مسائل متعددة، وأبحاث متنوعة قال في مقدمته: (فإنه مع المطالعة في الكتب الدينية الكلامية والفقهية قد يسمح النظر بتحصيل فائدة، وتقرير قاعدة، وتقييد شاردة، خلا أنها لم تكن مجموعة في كتاب واحد، فرأيت جمعها لحفظها وتقريبها)، وهو الذي بين يديك.
مخ ۱
(السلسلة الذهبية في الآداب الدينية) جمع فيه كثيرا من مواضيع الآداب والأخلاق بطريقة فريدة؛ حيث يذكر الموضوع ويذكر ما يناسبه من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأخبار العلوية، ويعلق على ذلك، وانفرد بذكر الأحاديث مسندة، مع ذكر مصدرها، لكي لا يتساهل بذلك المطلع، فيقول هذا من أحاديث الترغيب والترهيب التي يتساهل في قبولها، حيث قال: وربما أدى عدم ذكر الإسناد إلى التهاون بما دلت عليه هذه الآثار من الإرشاد، فقد يقول القائل: هذا مثل غيره من أحاديث الفضائل، وحيث كان الحديث مرويا في أمهات متعددة من هذه الأمهات مع استواء الأسانيد في الصحة، فإني أكتفي منها بطريق، وأنبه على روايته في سائرها بعد تمام الحديث) (طبع بتحقيقنا).
(منهل السعادة في ذكر شيء مما كان عليه صفوة السادة من الزهد والورع والعبادة) كتاب وحيد في بابه، قال رحمه الله في مقدمته: (فهذا أنموذج خطير في بعض عبادات أهل التطهير، فلعل الناظر إليها يهتدي بهديهم، وبأقوالهم وأفعالهم {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }[ الأنعام:90]. طبع بتحقيقنا.
(رضاء الرحمن في الذكر والدعاء وتلاوة القرآن)، اسمه يدل على فضله وأهميته، وهو من الكتب الهامة التي يحتاجها المؤمن لإحياء نفسه حياة الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. تحت الطبع بتحقيقنا.
(مختصر البرق اللموع) للجنداري في مسائل العقيدة، اختصره وأضاف إليه فوائد يحتاجها الطالب، ولا يستغني عنها الرائد، المسمى (المنتزع المختار فيما يتعلق بالاعتقادات من الأحاديث والآثار). طبع بتحقيقنا.
مخ ۲
(السعي المشكور المتنزع من الدر المنثور).
(بلوغ الأمل فيما ينجي من الخطأ والزلل) (خ).
(الجامع المفيد المنتزع من شرح القاضي زيد) (خ).
(المنهل الصافي المنتزع من الجامع الكافي) (خ).
(مجموع منتزع من عدة كتب كأمالي الإمام أحمد بن عيسى وأحكام الإمام الهادي عليه السلام).
(الدعاء المأثور) (خ) اختصره من الوسائل العظمى وغير ذلك من الأبحاث المختصرة في مواضيع متعددة.
مخ ۳
دوره الإصلاحي
وإلى جانب هذا التراث العظيم الخالد، قام بحل كثير من المشاكل العالقة بين القبائل، وعمل على إصلاح شأنهم على كل الأصعدة، وحل لهم الاشكالات المتعلقة بالأراضي وصبائبها المختلفة.
وله عدد من القضايا التي عمل على حلها وإصلاحها، والحكم فيها لولا خشية التطويل لذكرناها مفصلة، وأما مساعيه في الصدقات الجارية فقد تم بناء جامعين تحت إشرافه الأول في بلاد آل الربيع بمنطقة القصر جوار هجرة مدران بجماعة، والثاني جامع النور بضحيان.
مخ ۱
مرضه ووفاته وموضع قبره
وبالرغم من الأمراض المتتابعة على هذا السيد الجليل، فإنه لم يتوان عن ممارسة حياته العلمية والروحية من الإفتاء والتأليف والتدريس، واستقبال من يقصده، وحاول جاهدا ملازمة أوراده وأدعيته التي كان يمارسها قبل مرضه.
وأما عن كيفية مرضه فلنترك الحديث لولده العلامة يحيى علي العجري، حيث قال متحدثا عن والده: (فقد ابتلاه الله سبحانه ببلاوي كثيرة، واعتورته أمراض منهكة أقعدته مدة خمس سنوات مضطجعا، لا يستطيع أن يتحول عن موضع اضطجاعه إلا بمعونة غيره، صابرا راضيا محتسبا مفوضا أمره إلى خالقه، ومع هذه الحالة وطول المدة، وما حل به من الضعف والوهن، فهو لم يفتر عن وظائف عبادته وأذكاره، على حسب عادته، يؤدي فريضة الصلاة في جماعة مع أحد أولاده وأحفاده، الذين كانوا يتناوبون الحضور للصلاة معه عند حلول وقتها في كل يوم، مع ما كان يتحمل من المشاق العظيمة في نشر العلم وإحياء معالم الدين، وإرشاد الناس، وإفتاء المسلمين والسعي في إصلاح ذات البين.
مخ ۱
وفي اليوم الثاني من شهر رجب عام 1407ه اشتكى وجع الصداع، واستمر فيه ثلاثة أيام وتعقبه فهاق متتابع، وفي بعض الأوقات يعرض له حمى شديدة، واستمر المرض سبعة عشر يوما، وفي ليلة الخميس التاسع عشر من الشهر أفهمنا بأن المرض قد خف، إلا إنه اشتكى الضعف والوهن، ولكنه بما أودع الله من نور العلم في قلبه عرف أن الدعوة الربانية قد وافته، فأدى فريضتي المغرب والعشاء في جماعة بالوضوء الشرعي، ثم رمز إلى حفيده والذي كان يأنس به في حياته، ويعتمد عليه في أكثر أموره، الولد العلامة التقي أحمد بن يحيى العجري حفظه الله، أن يقرأ سورة (يس) عند رأسه، ويرفع بها صوته لما ورد في قراءتها من الآثار، فما لبث بعد أن تمت التلاوة إلا قدر ساعة، ثم فاضت نفسه المطمئنة الزكية راجعة إلى ربها راضية مرضية بدون نزاع ولا حشرجة، وإنما استلت روحه الطاهرة بنهزة خفيفة تشبه التنحنح في قدر دقيقتين، والتحقت بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
سلام الله ورحمته ورضوانه على تلك الروح الطاهرة.
ومن عجيب ما اتفق وتحقق وقوعه وصدق مقالته، التي كان يكررها قبل وفاته بأعوام وفي مدة مرضه، أنه متوقع لحادث عظيم في عام سبعة، وأي حادث أعظم من وفاته، وافتقاد قطب من أقطاب الإسلام، وجبل من جبال العلوم الراسخة، وعلم من أعلام الهداية الشامخة، وارث علوم آبائه الأخيار، ومحيي شريعة جده المختار صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأطهار.
مخ ۲
إنها رزية وأي رزية، ولكن الله تعالى يقول: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون }[البقرة: 155،156].
فما من قلب من قلوب المؤمنين باليمن والعالم الإسلامي إلا وتأثر لموته، ولكن لسان حال الجميع يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولنتذكر مصيبتنا بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبأهل بيته المطهرين عليهم السلام، وقد دفن رحمة الله تعالى عليه بمقره ضحيان المعروفة، وقبره بها مشهور مزور، وقد رثاه مجموعة من العلماء والأدباء، نقتطف بعضا من ذلك، قال السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله:
مخ ۳
أتبكي معي فيما دها الدين والدنا
وألبس ثوب الوجد شرعة أحمد
وزلزل عرش العلم بل هد صرحه
وغير وجه الحق بعد انبلاجه
وقوض من نادى الفتاوى معرسا
وغيب عنا شمس حجة دهرنا
ومن كان سيفا قاطعا لعلائق
ومن كان للإسلام شيخا ورائدا
ومن هو روح الروح منا وصفونا
يجلي غياهيب الظلام ويمتطى
يشنف بالمعروف سمعا بمنطق
ويصرخ بالإنكار إن ولعت به
فيخضع عاتي الغلب في جبروته
وكم ولكم شالت قضاة أشاوس
أعود فنيل الحصر في شأو قدسه
سأبيكه ما دامت دراريه غضة
ألا فابك واستبك الدفاتر ما حوت
على مثله لا قبح عندي في البكا
وكيف إلام اليوم في ذاك والعلا
لجبريل أهل الأرض قطب زمانه
(علي) إمام العلم نجل (محمد)
سأتبع هذا إن تمكنت غيره
وأزكى صلاة الله تغشى محمدا
وهد قوى القاصين منا ومن دنا
وهدى ذويه الغر أقطاب ديننا
وقد كان في مجرى السماك تمكنا
وضيا على رغم الطواغيت بينا
تبناه من ننعى علاه ودونا
علينا فيا بؤسى لشقوة حظنا
سوالب للأرواح تنثال بيننا
يواكبه عدوا ومشيا ومنثنا
وترياقنا من نفث سحار عصرنا
ذرى العاصفات الهوج عبر انشغابنا
يحف به لطف الفكاهة والجنا
نفوس تخذن الشر خلقا وديدنا
ويقنع رأسا صاغرا متمسكنا
على هامها طيبا به وتيمنا
عسير وقد تلقى حديثي مبرهنا
بقلبي تدر الدمع حينا ملونا
ليحيى الإمام الحق مصدر يمننا
دواما بتذكار المحامد والثنا
يشاطرني وأسمع صداه مؤبنا
ومصلت سيف الحق إبان وهننا
نماه بنو (العجري) سادات ربعنا
ولو لم يكن إلا نفاثه مثخنا
مخ ۴
وعترته في المنتهى غاية المنى قال السيد العلامة نجل المؤلف يحيى بن علي العجري: وقد نسج على منوالها الأخ العلامة قاسم بن صلاح عامر هذه الترثية، وأرسلها إلينا بتوقيعه وتوقيعات الإخوان الساكنين بعويره، وعليها إمضاء والدنا العلامة بقية أهل الاستقامة، ضياء الإسلام الولي بن الولي: مجد الدين بن محمد المؤيدي حفظه الله، وأسعد أوقاته، ومتع الإسلام والمسلمين بطول حياته:
سنبكي معا يا صاح والخطب قد دنا
وأبكي لما قد ناب دين محمد
وأبكي على سادات آل محمد
فقد رحلوا عنا وأبقوا حثالة
لمثل مصاب اليوم أبكي بعبرة
على موت قطب الدين فينا وركنه
إمام به من ظلمة الجهل يهتدى
ألا أيها الناعي لشرعة أحمد
فما كنت في نعي الشريعة منصفا
نعيت عليا من ترى كان نهجه
نعيت إمام العلم نجل محمد
له نسب ينمى إلى سادة الورى
لقد عظم الخطب الذي عم قطرنا ال
فمن لكتاب الله بعدك موضحا
وسنة طه مالها من مترجم
فلا خير في عيش وقد غاب كوكب
ورحمة رب العرش تغشاك راحلا
ويا أسرة المفقود صبرا فإنه
ولا تحسبوا أن المصاب يخصكم
فموت علي في العوالم ثلمة
وما مات من حاز العلوم وراضها
عليك صلاة الله بعد محمد وهد قوى الإسلام فينا وأوهنا
مخ ۵
فقدنا به ما قد دهى وتمكنا
هداة البرايا بل وأقطاب ديننا
بهم سار ركب الجهل في هذه الدنا
بدمع غزير الودق سرا ومعلنا
وشمس الهدى في كل أنحاء قطرنا
ويضحى به وجه الشريعة بينا
ونهج علي في نظامك موزنا
وما كنت في نعي المعالم محسنا
كنهج علي قيما ما به انحنا
على نهج طه ما توانى ولا انثنا
إلى أسرة (العجري) طابت معادنا
يماني في صقع وسهل ومنحنا
لغامض آيات الكتاب مبينا
يوضح منها مجملا ومبينا
يضيء لنا بيتا ووهدا وموطنا
إلى جنة طابت مقيلا ومسكنا
به ينعت الخلاق من كان مؤمنا
وقد مات من راض المفاخر والثنا
لها أثر باق إلى يوم حشرنا
وأورثنا منها معينا ومعدنا
وعترته ما ماد غصن أو انثنا
مخ ۶
مصادر ترجمته
بهجة الصدر في ترجمة علامة العصر (خ) تأليف ولده العلامة يحيى بن علي العجري، مؤلفات الزيدية: 2/96، 3/80،44، أعلام المؤلفين الزيدية: 720722.
مخ ۱