انوار نبي
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
ژانرونه
وقيل في قوله تعالى: ورحمتي وسعت كل شيء [الأعراف: 156] إنها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وإنه الرحمة التي وسعت العالمين كلهم مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم، حيوانهم ونباتهم وجمادهم، أرضهم وسماءهم، عرشهم وفرشهم، دنياهم وأخراهم.
وقيل في قوله: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا [يونس: 58]: إن الرحمة هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، والفضل من الله، إبرازه للعالمين والهداية والتوفيق للإيمان به والمجيء إليه، والزيادة له، والاستغفار عنده انتهى.
وأما ما يتعلق بكونه (صلى الله عليه وسلم) النور المحض:
ففي «جواهر المعاني» نقلا عن شيخه أبي العباس التيجاني في «شرحه لجوهرة الكمال» لدى قوله فيها عين الرحمة قال ما نصه:
اعلم أن الحق سبحانه وتعالى اقتطع قطعة من النور الإلهي في غاية الصفاء والتجوهر، ثم أبطن في تلك القطعة ما شاء أن يقسمه لخلقه من العلم بصفات الله تعالى وأسمائه وكمالات ألوهيته، وبأحوال الكون وأسراره ومنافعه ومضاره، وبالأحكام الإلهية أمرا ونهيا، وجعل تلك القطعة من النور مقر الانصباب، كل ما قسم لخلقه في سابق علمه من الرحمة الإلهية، ثم صار يفيض على خلقه، ما أقره في الحقيقة المحمدية من العلم والرحمة، فكان بهذه المثابة هو عين الرحمة (صلى الله عليه وسلم)، وكان ذلك النور هو الحقيقة المحمدية، وتلك الرحمة المفاضة في ذاته هي التي يفيضها على الوجود من ذاته الكريمة، فلا يصل شيء من الرحمة إلى الوجود إلا من ذاته (صلى الله عليه وسلم)، فذاته الكريمة بمنزلة المقر للمياه الذي تجتمع فيه وتتفرق من ذلك المقر سواقي للسقى والانتفاع، ولذلك قال (صلى الله عليه وسلم): «إنما أنا قاسم والله معطى (1)».
أي ينظر إلى ما سبق في العلم الأزلي من الاقتطاع، ثم يفرق (صلى الله عليه وسلم) تلك الرحمة على حسب ذلك الاقتطاع، فلهذا سمي عين الرحمة (صلى الله عليه وسلم)، ثم ذكر لتسميته بعين الرحمة نسبة أخرى ووجه آخر، وهو أنه الأنموذج الجامع في إفاضة الوجود على جميع الوجود، فإنه لو لا وجوده (صلى الله عليه وسلم) ما كان لموجود أصلا من غير الحق سبحانه وتعالى.
مخ ۲۷۴