أبى حنيفة الدينورى ... وقد كنت أظنّ بأبى حنيفة أن له رياضة بعلم الهيئة والرصد. فقد كنت بالدينور فى سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة من سنى الهجرة فى صحبة الاستاذ الرئيس أبى الفضل محمد بن الحسين ﵀، وكان نازلا فى حجرته [أى حجرة الدينورى] . وحكى لى جماعة من المشايخ أنه كان يرصد الكواكب على سطح هذه الحجرة سنين كثيرة.
فلما ظهر تأليفه، وتأملت ما أودعه كتابه، علمت أن الذى كان يراعيه إنما كان طلب الظاهر المشهور من الكواكب، وما كان يجده فى كتب الأنواء من ذكر المنازل وما أشبهها» هـ-.
مهما كان الأمر، فلم يذكر عن ابن قتيبة انه اشتغل بالرصد وبالنجوم ولو بظواهرها. وكذلك سافر الدينورى فى القفار والبرارى، كما فى البلاد والعمارات من العرب والعجم، طلبا للعلم فجمع مواد لدائرة معارفه النباتية الشهيرة؛ وكانت قسمين: قسم القاموس الأبجدى لأسماء النبات وأوصافه، وقسم الأبواب المختصة بشتى احوال النبات من نموه إلى هلاكه مع ما يتعلق بالسحائب والأمطار، والسيول والأنهار، والرياح والفصول وأصناف الأرضين مقدمة لتجنيس النبات. وكان الكتاب فى ست مجلدات ضخمة (توجد الآن الخامسة منها فى ٤٦٥ صفحة) .
وكان قد بحث فيه عن الأنواء أيضا، كما يظهر من اقتباسات البصرى فى التنبيهات على أغلاط الرواة. وكان من مواد كتاب النبات التى هذّبها ونشرها على حدة مع زيادات بأسم كتاب الأنواء فيما يظهر.
إذا كانت الصلة بين سلف وخلف صلة الغارة العلمية. لسهل تعيين
المقدمة / 27