منهاج ابن قتيبة
قال ابن قتيبة فى مقدمة هذا التاليف (فقرة «هـ» ص ٤): «وقد قيّدت بهذا الكتاب أطرافا من هذا الفن، أدركت بعضها بالتوقيف، وبعضها بالاعتبار، واستخرجت بعضها من الأشعار» .
فاذا نظرنا إلى أسماء الرجال والرواة من هذا الكتاب، وجدنا أن ابن قتيبة حكى عمن سلفه من مؤلفى كتب الأنواء عن ابن الأعرابى، وابن كناسة، والأصمعى، ومؤرّج، ولم يكن لقى أحدهم. وروى كذلك عن أبى زياد، وأبى زيد، أبى عبيدة، وأبى عمرو، وأدهم بن عمران العبدى، وأيوب بن موسى بن طلحة، والشعبى، والمعقّر البارقى فى مسائل اللغة وعلم النجوم.
ولكنه لا يسمى ولا مرة واحدة، أحدا من أساتذته أو معاصريه مثل محمد بن حبيب، وأبى محلم، والمبرّد، والدينورى والمرثدى.
إن ابن قتيبة لا يثق بأصحاب الحساب مثل أبى إسحاق إبراهيم بن حبيب الفزارى، وأبى معشر البلخى، وثابت بن قرّة وغيرهم، فلا يروى عنهم. ولكن مسائل علم النجوم كانت قد بدأت تسرى فى عوام المسلمين، يقرّ ابن قتيبة ببعضها (مثلا فقرة «٢١» ص ١٥: «وكعمل القمر فى المدّ والجزر»)، ولا يدرى ماذا يقول فى اخرى (مثلا فقرة «١٣٩» ص ١٢٤:
«وقد سمعت من يذكر أن الأفلاك أطواق تجرى فيها النجوم والشمس والقمر؛ والسماء فوقها. ولست أدرى كيف هذا، ولا وجدت عليه شاهدا من الكتاب ولا من الحديث ولا قول العرب») .
المقدمة / 23