[الجواب عن أن المنصوص عليه في الآية إرادة الإذهاب لا الإذهاب
نفسه ولا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد]
والجواب عن الأول:
أن نقول:- قولك لا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد مسلم إذا تعلقت إرادة الله بأفعال المخلوقين لأنه تعالى أرادها منهم باختيارهم ولم يردها منهم مطلقا([4])، وأما ما أراده الله من أفعاله فهو واقع لا محالة عند الإرادة.
فإن قلت:من أين علمت أن إذهاب الرجس هذا أو التطهير فعله تعالى؟
قلت: من قوله تعالى: (ليذهب عنكم الرجس)،(ويطهركم) فأسند الفعلين إلى نفسه تعالى فهما فعله قطعا.
فإن قلت:يحتمل التجوز في الإسناد.
قلت: خلاف الظاهر والعدول عن الظاهر بلا قرينة تحريف وتبديل.
فإن قلت: إذا كان فعله لظاهر الإسناد وقد أرادها بصريح الآية فلم قلت قد وقعا قطعا؟
قلت:لأنه تعالى إذا أراد شيئا من أفعاله ولم يقع كان عجزا أو بدأ وهما محالان على الله تعالى، ولقوله تعالى:(إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).
وأيضا هو نظير قوله تعالى(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم)،(يريد الله أن يخفف عنكم)،(يريد الله بكم اليسر) فكل هذه قد أرادها وهي واقعة([5]) لأنها فعله. بخلاف ما أراده، وهو موقوف على اختيار العباد مثل([6]) قوله تعالى:(والله يريد أن يتوب عليكم) فقد أراد الله التوبة عليهم ولا يلزم وقوعها لتوقفها على اختيارهم (وهو فعل التوبة منهم).
مخ ۸