حياة متصلة، بل كلما مات من شدة العذاب أعيد حيًا ليذوق العذاب، هكذا سبعين مرة في مقدار كل يوم من أيام الدنيا.
* * *
فإن قيل: الخوف والخشية واحد في اللغة، فكيف قال تعالى: (لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى) ؟
قلنا: معناه لا تخاف دركًا أي لحاقًا من فرعون، ولا تخشى غرقًا في البحر كما تقول: لا تخاف زيدًا ولا تخاف عمرًا، ولو قلت: ولا عمرًا صح وكان أوجز، ولكن إذا أعدت الفعل كان أكد، وأما في الآية فلما لم يكن مفعول الخشية مذكورًا ذكر الفعل ثانيًا ليكون دليلا
عليه، وخولف بين اللفظين رعاية للبلاغة، وقيل: معناه لا تخاف دركًا على نفسك، ولا تخشى دركًا على قومك، والأول عندى أحسن.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) مغن عن قوله تعالى: (وَمَا هَدَى) ومفيد فوق فائدته، فكيف ذكر معه؟
قلنا: معناه وما هداهم بعدما أضلهم، فإن المضل قد يهدى بعد إضلاله، الثانى: أن معناه وأضل فرعون قومه وما هدى نفسه، الثالث: أن معناه وأضل فرعون قومه عن الدين، وما هداهم طريقًا في البحر، الرابع: أن قوله: "وما هدى" تهكم به في قوله لقومه: (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) .
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ)