ولا جدال في أن الأنشودة التاسعة منقولة عن ثيوكريتوس، وتتضمن دعوى مرفوعة إلى أعتاب فاروس مباشرة بطلب مساعدته،
86
فلما حظي بها أهداه الأنشودة السادسة شكرا له واعترافا بجميله، غير أن أغنية سيلينوس تبين رغبته في كتابة شيء يسمو على شعر الرعاة كما ورد ذكره في الأنشودة الرابعة.
وأخيرا يهجر فرجيل الشعر الرعوي الحق في الأنشودة الأولى ليتمكن تحت ستار الحوار بين شاعرين من تسجيل تاريخه. فلما استعاد ضيعته واطمأن عليها نراه يعبر عن شكره للإمبراطور، وزيادة في تبجيله يضع هذه الأنشودة في صدر المجموعة؛ ومن ثم يهديها كلها إليه.
بعد أن انتهى فرجيل من تأليف منظوماته الزراعية في عام 30ق.م. استغل الأحد عشر عاما الباقية من عمره في تأليف الأينيذة، وفي سنته الأخيرة قام برحلته إلى الشرق ليزور بنفسه بعض المشاهد التي استعرضها في أينيذته، ولكنه مرض في ميجارا
Megara
وقفل راجعا إلى إيطاليا، ولكنه مات كما سبق أن قلنا في برونديسيوم ولم يبلغ بعد الواحدة والخمسين من عمره. وكان فرجيل قد أثرى من كرم مؤيديه وأنصاره وخلف وراءه ضيعة كبيرة وبيتا فوق تل الإسكويلين بالقرب من حدائق مايكنياس. ولقد كان فرجيل رجلا محبا حسن الطبع لا يعرف الحسد أو الحقد.
ولقد وصف دوناتوس فرجيل فجعله طويلا أسمر، جاف المظهر. وكان فرجيل رجلا سعيدا في كل شيء غير صحته التي كانت دائما أبدا ضعيفة، ولقد آثر في أواخر أيامه أن يتجنب زيارة روما. وكان عديم الثقة في قواه الشعرية، إلا أنه تمتع بصيت عظيم إبان حياته. واشتهر أولا وقبل كل شيء بأنه شاعر حماسي استطاع أن يكشف الستار عن عظمة الإمبراطورية الرومانية، ولكن تفوقه الشعري وبعد صيته قاما أيضا على ما في شعره من كمال فني، وما يمتاز به من رقة وعشق للطبيعة، فليس هو بالشاعر الذي يدرك مصير روما فحسب؛ بل شاعر إيطاليا الساهر على جمالها وإخصابها، المتحدث عن ديانتها وعقائدها.
وتلعب الديانات دورا هاما في منظومات فرجيل، وتتجلى خاصة في الأينيذة، ولكن يقل ذكرها في منظومات الزراعة وأناشيد الرعاة. ويميل فرجيل إلى ترديد العقائد الرومانية القديمة ووصف الطقوس والأعياد الدينية. ويتجلى عطفه قبل كل شيء على وجهة النظر البدائية الروحانية للأرواح (
numina ) وربات المنازل والريف مثل لار
ناپیژندل شوی مخ