188

ولم تتركني حتى رقدت في فراشي وسوت علي الغطاء وأطفأت النور وأغلقت باب الغرفة وأخذت الكتاب في يدها، ولم أستطع أن أنام فبقيت أستعرض مناظر القصة التي كانت تمر أمام عيني مثل فيلم ناطق.

أم ردمويا تقول لها: عجبا لك إذ ترفضين نمرادا! هل تخفين عني سرك يا ردمويا؟ أتحبين فتى آخر؟ حاذري أن يكون قلبك متعلقا بمن لا يهتم بك.

فقالت ردمويا ضاحكة: ألست أختار لنفسي يا أمي؟

فقالت الأم غاضبة: أيام الشباب قصيرة يا ردمويا؟ والزهرة تذبل سريعا.

فقالت ردمويا: لست حمقاء أو غبية يا أمي، ولا أريد أن أضيع حياتي، كيف أهب قلبي كما يوهب العبد؟

فقالت الأم في حنان: لا تنخدعي بالأوهام يا ردمويا، عندما يقول قلبك: «لا» قد يكون قصده «نعم»، هكذا نحن يا حبيبتي إذا تسرعنا.

فقالت ردمويا: لم أتسرع في شيء يا أمي، قضيت شهرا أغني وأرقص لعل قلبي يرضى، وقضيت شهرا آخر أحرق البخور كل ليلة لنجم الشعرى لعله يهديني، ولكن قلبي كان دائما يقول: «ليس نمرادا رجلي.»

فصاحت الأم غاضبة: لا تقول هذا فتاة أخرى في القبيلة، كلهن يبتسمن له ويرمينه بالحصى من أجلك.

فقالت ردمويا في تأثر: ليس هو رجلي، هو أنيق مثل عود السرو، وصوته ناعم كصوت اليمام، وهو ابن شيخ القبيلة الذي يملك الذهب، ولكنه لا يحسن إلا تسلق الشجر الأملس، لا يقدر نمرادا أن يذلل الجواد الحرون ولا يشق الأمواج الثائرة، ليس نمرادا رجلي.

فصاحت الأم في يأس: رجلك إذن خيال في السحاب أو شبح في ضوء القمر.

ناپیژندل شوی مخ