جملها يريد أن يرتهنها بالدرع حتى تردّ عليه، فقالت: ما رأيت كاليوم قطّ فعل رجل، أي يضل حلمك؟ أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد وقد أخذت أمهم فذهبت بها يمينا وشمالا فقال الناس في ذلك ما شاءوا أن يقولوا، وحسبك من شر سماعه «١»، فأرسلتها مثلا، فعرف قيس ما قالت له فخلى سبيلها وطرد إبلا لبني زياد حتى قدم بها مكة فباعها من عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، فقال قيس في ذلك «٢»:
ألم يبلغك «٣» والإنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد
ومحبسها لدى القرشيّ تشرى ... بأدراع وأسياف حداد
كما لاقيت من حمل بن بدر ... وأخوته على ذات الإصاد
هم فخروا عليّ بغير فخر ... وردّوا دون غايته جوادي
وكنت إذا منيت بخصم سوء ... دلفت له بداهية نآد
بداهية تدقّ الصلب منه ... فتقصم أو تجوب «٤» عن الفؤاد
وكنت إذا أتاني الدهر ربق «٥» ... بداهية شددت له نجادي
قال العدوي: ربق وربيق الداهية، وأمّ الربيق الداهية، والنجاد حمائل السيف.
ألم يعلم بنو الميقاب أني ... كريم غير معتلث الزناد «٦»
أي ليس بفاسد الأصل. الوقب: الأحمق والميقاب مثله، وقالوا [الميقاب]: التي تلد الحمقى؛ ومعتلث لا خير فيه.
أطوّف ما أطوّف ثم آوي ... إلى جار كجار أبي دواد «٧»
جار قيس بن زهير «٨»: ربيعة [الخير] بن قرط بن غيلان بن أبي بكر بن كلاب، ويقال جار أبي دواد الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، وكان أبو داود في جواره فخرج صبيان الحي يلعبون في غدير فغمسوا بنيّ أبي دواد فمات، فخرج الحارث فقال: لا يبقى في الحيّ صبيّ إلا
1 / 58