مقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لم تعن أمّة من الأمم بأمثالها عناية العرب، ولا عجب في ذلك لأنّ الأمثال خير معبّر عن عادات الشّعوب وتقاليدها وأخلاقها.
ويلفت نظر الباحث في التّراث العربي الإسلاميّ الكثرة المفرطة في عدد الكتب الّتي ألّفت في الأمثال سواء منها المطبوعة أو المخطوطة أو الّتي في عداد المفقود «١» .
ويعدّ «كتاب الأمثال» لزيد بن رفاعة في الكتب المهمّة في بابه، نظرا إلى اشتماله عددا جمّا منها، استقاها المصنّف من مؤلّفات القدماء وأماليهم.
وكان هذا الكتاب قد طبع في حيدر آباد سنة (١٣٥١ هـ/ ١٩٣٢ م) غفلا من النسبة إلى مؤلّفه، وأورد القائمون على دائرة المعارف العثمانيّة آخر الكتاب نصوصا لرسائل بعثوها إلى ثلّة من العلماء بالمخطوطات- عربا ومستشرقين- مشفوعة بصور عن بعض صفحات المخطوط المنشور، يرجون فيها ممن يعرف صاحب المخطوط أن يمدّهم باسمه، فجاءت الرّدود سلبيّة تفصح عن عدم معرفة هؤلاء العلماء صاحب الكتاب.
ثمّ أصدرت دائرة المعارف العثمانيّة قائمة بأسماء مطبوعاتها نسبت فيها الكتاب المذكور إلى زيد بن رفاعة أحد علماء القرن الرابع الهجري/ الحادي عشر الميلادي.
ولا ندري إلام استندت في عزو الكتاب إلى المؤلّف.
ولمّا كانت طبعة الكتاب قد نفدت من الأسواق منذ مدّة طويلة، وأصبحت نسخه المطبوعة بمثابة المخطوط، وبما أن معظم كتب الأمثال قد طبعت طبعات علميّة، وأخرجت على نحو مرض من التّحقيق والتّعليق والفهرسة، رأيت أنّه لا يصحّ أن يبقى هذا الكتاب- على أهمّيته- دون تحقيق، فقرأته على المصادر وصحّحت ما وقع فيه من تصحيف وتحريف ووهم معتمدا على كتب الأمثال، وزوّدته بالتّعليقات الّلازمة، وصنعت له الفهارس الضروريّة.
ب وقد قمت بضبط الأمثال، وتخريجها في كتب الأمثال واللّغة، وذكرت قصّة المثل ما لم تكن موجودة، وأثبتّ اختلاف القصّة في حال وجودها، لأنّ المؤلّف لم يعن بإيراد قصص الأمثال العناية الكافية.
وبعد، فهذا «كتاب الأمثال» لابن رفاعة أضعه بين أيدي المهتّمين بالتّراث العربيّ راجيا أن ينال القبول والرّضا والله من وراء القصد.
دمشق/ ذي القعدة ١٤٢٣ هـ كانون الثاني ٢٠٠٣ م د. علي إبراهيم كردي
المقدمة / 1