وأشير إلى سورية في مجلس النواب بفرنسا فاعترض زعيم الراديكاليين على خروج الجنود من سورية بهذه السرعة، ولمح إلى ارتشاء قائدهم فانتهره رئيس المجلس، واشتد الجدال حتى كاد يفضي إلى الخصام، وأخيرا طلب الرئيس الاقتراع على الثقة بالوزارة فكانت الأغلبية لها، وأشير إلى هذه المسألة في مجلس الشيوخ ، فلم تلق من الاهتمام ما لقيته في مجلس النواب.
الفصل التاسع والثلاثون
زيارة الوالي
جلس الكولونل روز في مكتبته، وتطلع من الشباك الشرقي المطل على حديقة المنزل، فوقع نظره على أشجار التفاح والخوخ «الدراقن» والرمان، وقد كادت أغصانها تتكسر من ثقل حملها، ورأى البستاني يجول بينها يتفقد ما يقع منها ويلتقطه، ورفع نظره إلى الجبل فرأى الظلال تمر عليه مر السحاب، فتذكر العام الماضي حينما كان الدخان مسردقا عليه من احتراق بيوته، وشكر الله على انقضاء أيام الشدة.
وكان فؤاد باشا قد أرسل إليه في الصباح يقول إنه قادم لزيارته عصر ذلك النهار إذا كان مستعدا لاستقباله حينئذ، فجلس الآن في انتظاره وبعد هنيهة دخل السر هنري، وقال: حان الوقت. فالتفت الكولونل إلى ساعة كبيرة دقاقة قائمة في زاوية الغرفة، وقال: نعم يصل بعد عشر دقائق، وهو يمتاز على غيره من ولاة الأتراك بشدة تدقيقه في الوقت. ثم التفت إلى السر هنري وقال: على ماذا أجمع رأيك؟
فقال السر هنري: لا بد لي من الذهاب بنفسي، فقد أتاني كتاب من الأمير أحمد أرسلان أنه قائم مع الشيخ إسماعيل الأطرش لمعاونة الأمير عمر الفاعور على بني صخر، ولا أدري على من تدور الدائرة؛ فإن الأمير حسانا أمير بني صخر فارس مغوار لا يصطلى له بنار، والأميرة سلمى في أسره تتجرع مرارة الذل، فإذا رأى أن لا قبل له بمحاربة العرب والدروز، رحل بقومه جنوبا أو شرقا، وزاد في إذلالها إلى أن ترضى به زوجا لها أو تموت حسرة.
فقال الكولونل: وكيف تذهب بنفسك إذا كانت الحال على ما ذكرت؟! وأي فائدة من ذهابك؟!
السر هنري :
يا حبذا لو أمكنني أن آخذ فرقة من الجنود البحارة الذين في البارجة، فإني أقدر كل واحد منهم بمائة من البدو، الذين أسلحتهم السيف والرمح أو البنادق القديمة ذات الزناد.
الكولونل روز :
ناپیژندل شوی مخ