الأمير عباس :
من أمراء الإنكليز ويكون وكيلا للقنصل! لعله افتقر مثل كثيرين من الشهابيين.
الأميرة هند :
يقول أحمد إنه من الأمراء الأغنياء، ولكن أمراء الإنكليز مهما كانوا أغنياء يخدمون في أصغر الوظائف السياسية، وقد جاء إلى بر الشام لكي يفتش عن قبر واحد من أجداده قال إنه قتل قرب بيروت، ودفن في جهات الشويفات أو كفر شيما، سلمى تعلم عنه أكثر مني، فإنها سمعت كل كلمة قالها أحمد، وسمعت أشياء أخرى عنه من الخدم، فإذا كانت تتعلق به فهناك المصيبة.
الأمير عباس :
لماذا تكون مصيبة؟! ألم يتزوج عبد الله بابنة تشرشل بك الإنكليزي؟! فإن كان هذا الأمير كريم الأخلاق شهما فلا مانع عندي، ولكن إن كان أفاقا مثل كثيرين من الإفرنج الذين يأتون البلاد الشرقية للارتزاق والاكتساب، فينبغي أن لا ندع له سبيلا إلينا. ثم صفق بيديه فدخل الخادم فقال له: ناد سلمى. فدخلت الأميرة سلمى وبيدها كتاب كانت تقرأ فيه، وجلست إلى جانب أمها، فقال لها أبوها: ما قصة هذا الأمير الإنكليزي؟
فاحمرت وجنتاها وخفق فؤادها وقد باغتها سؤال أبيها مباغتة، فلم تدر بماذا تجيب، لكنها كانت سريعة الخاطر تعلم أن سكوتها حينئذ أدل عليها من كلامها وأكشف لسترها، فقالت: لما رأيته كنت مع أمي ولم أسمع منه وعنه إلا ما سمعته أمي ، ولا بد من أن تكون قد أخبرتك بكل ما تعلمه من هذا القبيل.
فجعل يتفرس في وجهها وهي مطرقة إلى الأرض محمرة الوجنتين، فلم يخف عليه أمرها، ولم يشأ أن يزيد ارتباكها، ثم قال: لا بد من أن يكون أحمد عارفا به. والتفت إلى زوجته، وقال: إذا جاء أحمد إلى هنا، فذكريني لكي أسأله عنه، أما أنت يا سلمى، فانظري ما أصاب ابنة عمك، ولا تدعي أحدا يلعب بعقلك، وعلى كل حال لا أسمح لك أن تفعلي شيئا إلا بعلمي، هل تعدينني بذلك؟
فقالت: نعم، ولكن صفا معذورة؛ لأن عمي لم يكن يلتفت إليها، كما يجب على الأب أن يلتفت إلى ابنته وخالتها على ما تعلم.
فقال: إن كانت صفا معذورة فأنت غير معذورة، فإنك تعلمين معزتك علي وعلى أمك، وقد كانت أمك تود أن تعطيك لابن أختها، ولكن لما علمت أنك لا تميلين إليه اعترضتها وأوقفت الأمر.
ناپیژندل شوی مخ