فاستحسن الأمين ذلك، والتفت إلى سعدون وقال: «جاءنا كتاب وزيرنا الساعة بأنه قادم إلينا، فهل لك أن تخبرنا بما سيتلوه علينا؟»
فأحنى الملفان رأسه احتراما، ثم مد يده إلى جيبه وأخرج الدرج المعهود، وحل المنديل وأخذ يقلبه بين يديه، ويتمتم مظهرا أنه يقرأ ويتفهم ويتفطن، ثم رفع بصره إلى الأمين وقال: «إن الوزير حفظه الله يحمل إليك خبرا مهما خاصا بالخلافة.»
فضحك الأمين مستخفا وقال: «طبعا، إنه يعلم بمبايعتي وليس في ذلك شيء من الغيب!»
قال الملفان: «صدق أمير المؤمنين، ولكن الوزير سينقل إليك شيئا جديدا عن أخيك المأمون، ولعله أخرجه من البيعة!»
فبغت الأمين وقال: «هل أخرجه منها؟»
فهز الملفان كتفيه وقال: «يظهر لي مما أقرؤه في هذه الأوراق أنه فعل ذلك، ولم يجد في سبيله مشقة؛ فإذا كان فيه ما يسوء أمير المؤمنين فلا ذنب لي.»
فتظاهر الأمين باستيائه لإخراج أخيه من البيعة وقال: «هل فعلها الفضل؟ ما أظنه فعلها! فاحذر مما تقول واعلم أنك تقول قولا تقطع فيه الرقاب.»
فقال بجأش رابط: «قلت لمولاي إني لا أقول شيئا من عندي وإنما أنا أقرؤه فيما بين يدي، وإذا طويت الكتاب نسيت ما قلته.»
فقال الأمين وهو يظهر الغضب: «إنها وشاية تعاقب عليها!»
قال وهو ساكن الجأش: «العفو يا مولاي، لا ذنب لي فيما قلته؛ فإني أقول ما أراه، ولم يخدعني هذا العلم من قبل.»
ناپیژندل شوی مخ