حدثنا يموت بن المزرَّع البصري، قال: حدثنا رفيع بن سلمة المُنَبَّز بِدَمَاذ قال: حدثنا أبو عبيدة قال: قال الحجَّاج يومًا لعمائر العرب وهم في مجلسه: ما أحسب هذا المزونيّ يناصحنا في حربنا " يعني المهلب " والرأي مشترك، فقالوا: الرأي للأمير " أصلحه الله " أن يكتب إلى ابن الفجاءة بإطعامه بعض الأرضين، فإذا هو نَخَعَ بطاعته وأظهر الدعوة له سَهَلَت الحيلة فيه، فقال: وفَّقكم الله؛ وكتب إلى ابن الفُجاءة، وأنفذه على يد الغَضْبَان بن القَبْعَثْريّ الشَّيباني. نسخة الكتاب: " بسم الله الرحمن الرحيم: من الجّاج بن يوسف إلى قطريّ بن الفُجاءة. سلام عليك، الموحَّد لله، والمصلَّى عليه محمد ﵇. أمّا بعد، فإنَّك كنت أعرابيًا تستطعم الكسرة، وتَخفُّ إلى الثمرة، ثم خرجتَ تحاولُ ما ليس لك بحق وأعرضتَ عن كتاب الله، ومَرَقتَ من سنّة رسول الله ﷺ، فارجع عمَّا أنت عليه بما زُيِّنَ لك وادعوني فقد آن لك ". فلمّا أوصل الغضبان الكتاب إلى قطريّ قال: يا غلام، ازبُر هذه الصحيفة، فتلا عليه ما فيها، فتنهَّد قطريُّ الصعداء، فقال: يا غضبان، ألفيتني محزونًا، وأنشأ يقول: " من الطويل "
فَيَا كَبِدًا منْ غَيْرِ جوعٍ وَلاَ ظَمًا ... وَيَا كبدًا منْ وَجْدِ أُمِّ حكيمِ
فلو شَهَدتْني يومَ دُولابَ أبْصَرَتْ ... طِعَانَ فتىً في الحربِ غَيْر لئيمِ
غَدَاةَ طَفَتْ عَلْمَاءِ بَكْرُ بنُ وَائِلِ ... وَعُجْنَا صُدُورَ الخيلِ نحوَ تَميمِ
وكانَ بعبد القيسِ أوَّلُ حَدِّها ... وآبَ عَميدُ الأزْدِ غَيْرَ ذَمِيمِ
" يعني المهلب " وأُمُّ حكيم هذه: امرأة من الخوارج قُتلت على يديه، ثم قال: يا غلام، اكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، من قطري بن الفُجاءة إلى الحجاج بن يوسف. سلام على من اتَّبع الهُدى. ذَكرتَ في كتابكَ أنِّي كنتُ بدويًّا، وأبدرُ إلى الثمرة، وبالله لقد قُلتَ زورًا، بل الله بصَّرني من دينه ما أعماك عنه؛ إذ أنت سابح في الظلالة، غَرِقٌ في غمرات الكفر، ذكرتَ أنَّ الضرورة طالت بي فهلاَّ بَرَزَ لي من حِزبك من نال الشَّبع، واتَّكأ فاتَّدَع! أما والله لئن أبرَزَ الله صفْحَتَك، وأظهَرَ لي صلعَتَك، لتُنكِزَنَّ شيعتك، ولتعلَمَنَّ أنَّ مقارعة الأبطال، ليس كتسطير الأمثال ".
" عبد الله بن محمد "
أخبرني أبي، أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي، قال: حدثنا أبو بكر يموت بن المزرَّع بن يموت بن موسى العبدي البصريّ، وكان ابن أخت الجاحظ، قال: حدثنا يزيد ابن محمد المهلَّبيّ، قال: حدثنا قُبيصة بن حاتم المهلَّبيّ، عن أبيه، قال: كتب حفص بن عمر هزارمرد إلى المنصور، يخبره بأنه وجد في بعض خانات المولتان ببلاد الهند، مكتوبًا: يقول عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، سلام الله عليهم: انتهيت إلى هذا الموضع، بعد أن مشيت حتى انتعلتُ الدماء، وأنا أقول " من الطويل ":
عسى مشربٌ يصفو فيروي ظماءَةً ... أطال صداها المشربُ المتكدِّرُ
عسى بالجنوب العاريات ستكتسي ... وذي الغلباتِ المستذلّ سينصُرُ
عسى جابرُ العظمِ الكسيرِ بلطفِهِ ... سيرتاحُ للعظمِ الكسيرِ فيجبرُ
عسى أمسى صورًا لها الجورُ دافئًا ... يُتاح لها عدلٌ يجيءُ فتظهرُ
عسى الله لا تيأس من الله إنه ... يهونُ عليهِ ما يجلّ ويكبرُ
فكتب إليه المنصور: قرأتُ كتابك، والأبيات؛ وأنا وعبد الله، وأهله، كما قيل: " من الطويل ".
نحاولُ إذلالَ العزيزِ لأنَّهُ ... رَمانا بظلمٍ واستمرّتْ مَرَائرُه
فإن بلغكَ لعبد الله خبر فأعطه الأمان، واحسن إليه.
" البحتريّ "
وحدثني يموت بن المزرَّع، قال: طلب البحتريُّ من محمد بن علي القُمِّيِّ نبيذًا، فبعثه إليه مع غلامه مؤنس، وكان أحسن الناس وجهًا، فأخذ النبيذ وكتب إليه معه " من المتقارب ":
أبا جعفرٍ كان تجميشُنا ... غلامَك إحدى الهَنَاتِ الرَّديَّة
1 / 5