وقال سرور: هي رصاصة، وياما قتلنا من هو أعظم منه.
وقال عيدروس: اليوم كم في الشهر.
قال زردق: اليوم خمسة منه. - في الخامس عشر من الشهر يذهب أربعتكم لبيته، وهو على العشاء اقتلوه واقتلوا أسرته جميعا.
ارتعدت فرائص أبي سريع، وحار في أمر نفسه إن بقي في مكانه عرف عيدروس أنه سمع ما دار من أمر المقتلة، وإن انصرف سيخبره مبروك أنني كنت هنا وانصرفت، فيدري أنني اطلعت على سره، والغالب أن يقتلني أنا أيضا.
وأتته فكرة؛ خرج من الغرفة، ووجد مبروك غير بعيد منه فقال: يا مبروك، والنبي يا بني أريد أن أتوضأ لألحق بالمغرب قبل أن يفوتني، والمغرب درة فالتقطوها. - وماله يا عم أبو سريع، تعال معي.
وذهب أبو سريع فتوضأ مع أنه كان متوضئا، وبدأ يصلي المغرب الذي كان صلاه قبل مجيئه مباشرة، وسمع وهو يصلي صوت مبروك وهو يقول لسيده: الحاج أبو سريع هنا .
وأحس أبو سريع بذعر عيدروس وهو يقول: ماذا تقول؟ متى جاء؟ - في التو واللحظة، وطلب أن يتوضأ، وهو الآن يصلي. - أين؟ - هنا بالحجرة التي بجانب الحمام. - ألم يدخل حجرة الجلوس؟
وبسليقة الكذب غير الواعي قال مبروك: طلب أن يتوضأ ساعة مجيئه. - وأدرك أبو سريع أنه نجا بكذبة مبروك، وأتم صلاته، وجلس إلى عيدروس. - يا مرحب يا حاج أبو سريع. - رحب الله بك يا سعادة البك، جئتك اليوم لأخبرك أني نويت والنية خير إن شاء الله أن أسافر لأكون بجانب لطفي وسعدية، ولأكون أيضا بجانب آل البيت. شيئا لله يا ست. - ألا تنوي المجيء إلى هنا أبدا؟ - فيما ندر. - على كل حال أنا أسافر كثيرا إلى مصر وأراك هناك، ألست تنوي الإقامة مع لطفي؟ - مؤقتا حتى أجد لنفسي بيتا. - ولماذا مؤقتا؟ - المهم أن سلمى امرأتي ستكون مع الست سعدية حتى تضع لنا الولد بالسلامة. - وفهيمة امرأتي ستذهب إليها أيضا. - قبل أن تذهب أكون وجدت بيتا إن شاء الله. - وفيم العجلة؟ نحن أصبحنا أهلا. - حفظت يا سعادة البك، أستأذن أنا.
وخلا الطريق بأبي سريع، لم يكن يصدق ما حدث؛ لا في الأمر بالقتل في هذه البساطة، ولا في أنه سمع ما سمع، ونجا قبل أن يقتل هو الآخر.
كان أبو سريع يعرف مقصده؛ فهو مع خوفه فكر أن الله سبحانه وتعالى إذا أراح الناس من عيدروس، فإن ملكه كله سيئول إلى ابنته، وطبعا سيكون لطفي هو المتحكم في كل الثروة. إن للمولى حكمة واسعة أن أسمع ما سمعت، وأن أنجو به أيضا.
ناپیژندل شوی مخ