110

التخريج ودراسة الأسانيد

التخريج ودراسة الأسانيد

ژانرونه

لمّا كان ابن أبي حاتم يُحدّث بكتابه (الجرح والتعديل)، أتاه أحد الزهاد فقال له:"يا أبا محمد لعلك تتكلم في أناس وضعوا رحالهم في الجنة من مائتي سنة"، فأوقف ابن أبي حاتم الدرس، وجعل يبكي، مع علمه بوجوب هذا الأمر وأهميته، إذ لولاه لذهب كثير من السنّة، وضاع كثير من الدين. ثم اعلم أن حكمك على الراوي خطيرٌ جدًا، من أجل ذلك يقول ابن دقيق العيد:" أعراض المسلمين حفرةٌ من حفر النار، وقف على شفيرها صنفان من الناس المُحدِّثون والحكام"، والمقصود أن الذي يتكلم في الحديث على شفير جهنم، إلا أن يوفقه الله ﷿؛ وذلك لأن تضعيف راوٍ واحد، قد يكون ثقة، معناه أنك حكمت على جميع أحاديثه بأنها ليست سنةً، وليست دينًا، وليست وحيًا من رب العالمين،ولانورًا يُهتدى به. وحكمك على راوٍ بأنه ثقةٌ، معناه أن أحاديثه يجب أن تلتزم بها، وأنها وحي وحقٌ وخير يجب أن تعتقده وتعمل به، وكذلك الحكم على الحديث خطيرٌ جدًا. وهذا العلم يحتاج إلى المُتفرّغ له، والمُشتغل به، فليس من حق أي إنسان أن يتكلم في الأحاديث، وليس من حق من لم يشتغل بعلم الحديث اشتغالًا كافيًا أن يحكم عليه، فهذا العلم لا يقبل الشركة، بل يلزم أن تتخصص فيه وحده، وإذا انقطعت عنه فترة ضَعُفت معرفتك به؛ لأنه خبرة تتكون من خلالها حاسة يُتَمكن بها تذّوق الأحاديث، وتمييز صحيحها من سقيمها. نسأل الله أن يعلمنا ماينفعنا، وينفعنا بما علمنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين كشاف الموضوعات (ويتضمن دليلًا لأهم المسائل الواردة في المذكرة)

1 / 110