وحجة الوداع وأثرها في نشر الحديث:
هذا ولما استتب لرسول الله ﷺ الأمر في الجزيرة قصد حج بيت الله الحرام وقد حج معه من المسلمين أكثر من مئة ألف فألقى فيهم النبي ﷺ خطبة عظيمة جمع فيها أحكامًا غزيرة وسننًا كثيرة ووضع من آثار الجاهلية ما أبطله الإسلام، ولكثرة الناس في ذلك اليوم اتخذ ربيعة بن أمية بن خلف مُبلغًا عنه، وافتتح هذه الخطبة بعد حمد الله بقوله "أيها الناس اسمعوا قولي فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا" (١) وهي خطبة طويلة بين للناس فيها مناسك الحج وكأنه ﵇ كان يشعر بدنو أجله فلم يترك شيئًالم يكن بينه للناس إلا بينه وأظهره، فكانت هذه الخطبة الحافلة في هذا الجمع الحاشد من أكبر العوامل في ذيوع السنن الكثيرة بين قبائل العرب وعشائرهم وهي كمنهاج ختامي للدعوة الإسلامية عامة ولحديث رسول الله ﷺ خاصة وقد نزل في هذا الوقت قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:٣] .
(١) هذا القول بلفظه لم أجده فيما بين يدي من الكتب، ولكن خطبة حجة الوداع المشهورة من حديث جابر أخرجها مسلم ٢/٨٨٦، كتاب الحج، باب حجة النبيصلى الله عليه وسلم، ح ١٤٧ (١٢١٨) .