القيامة الصغرى
القيامة الصغرى
خپرندوی
دار النفائس للنشر والتوزيع،الأردن،مكتبة الفلاح
د ایډیشن شمېره
الرابعة
د چاپ کال
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
د خپرونکي ځای
الكويت
ژانرونه
تعالى، إلا من حيث حديث النفس بحيث لا يظهر له أثره في مخالفة النفس، ولا يؤثر في الكف عن المعاصي، ولا في الحث على الطاعات، فينهمك في الشهوات، وارتكاب السيئات، فتتراكم ظلمات الذنوب على القلب، فلا تزال تطفيء ما فيه من نور الإيمان مع ضعفه، فإذا جاءت سكرات الموت يزداد حب الله ضعفًا في قلبه لما يرى أنه يفارق الدنيا، وهي محبوبة له، وحبها غالب لا يريد تركها، ويتألم من فراقها، ويرى ذلك منه الله تعالى، فيخشى أن يحصل في باطنه بغضه تعالى بدل الحب، وينقلب ذلك الحب الضعيف بغضًا، فإن خروج روحه في اللحظة التي خطرت فيها هذه الخطرة يختم له بالسوء ويهلك هلاكًا مؤبدًا.
والسبب المفضي إلى هذه الخاتمة حب الدنيا، والركون إليها، والفرح بها مع ضعف الإيمان الموجب لضعف حب الله تعالى، وهو الداء العضال الذي قد عم أكثر الخلق، فإن من يغلب على قلبه عند الموت أمر من أمور الدنيا يتمثل ذلك الأمر في قلبه، ويستغرقه، حتى لا يبقى لغيره متسع، فإن خرجت روحه في تلك الحالة يكون رأس قلبه منكوسًا إلى الدنيا، ووجهه مصروفًا إليها، ويحصل بينه وبي ربه حجاب.
حُكي أن سليمان بن عبد الملك لما دخل المدينة حاجًا قال: هل بها رجل أدرك عدة من الصحابة؟ قالوا: نعم، أبو حازم، فأرسل إليه، فلما أتاه قال: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ قال: إنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة، فتكرهون الخروج من العمران إلى الخراب، قال: صدقت، ثم قال: ليت شعري ما لنا عند الله تعالى؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله، قال فأين أجده؟ قال في قوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) [الإنفطار: ١٣-١٤] .
1 / 34