نضاختان تجريان بماء وعسل، فزعموا أنه دخل إليه ومعه أربعون من أصحابه، ولم يوقف لهم على خبر، قالوا: وهم أحياء يرزقون، ويقولون: إنه يعود بعد الغيبة، ويملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا، قالوا: وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه إلى عبد الملك بن مروان، وقيل إلى يزيد بن معاوية، وإلى هذا الاعتقاد أشار كثير عزة بقوله:
وسبط لا يذوق الموت حتى ××× يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانًا ××× برضوى عنده عسل وماء
وكان السيد الحميري على هذا المذهب، وهو القائل:
ألا قل للإمام فدتك نفسي ××× أطلت بذلك الجبل المقاما (١)
فما أصغر عقول هؤلاء، وما أقل فهومهم، يصدقون ما لم يقم عليه دليل من عقل ولا نقل.
المطلب الرابع
وقت خروجه
يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: " قال ابن كثير في الفتن والملاحم: أظنه يكون عند نزول المسيح، والحديث الذي رواه الحارث بن أبي أسامة يرشد إلى هذا (٢)، ويدل عليه، لأنه قال: أميرهم المهدي، فهو يرشد إلى أنه يكون عند نزول عيسى ابن مريم، كما يرشد إليه بعض روايات مسلم، وبعض
(١) لوامع الأنوار البهية للسفاريني: (٢/٨٥) .
(٢) نص حديث جابر: " ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضكم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " قال ابن القيم بعد أن أورده في المنار المنيف: وهذا إسناد جيد.