الفصل الرابع: مسائل الإيمان
وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: معنى الإيمان.
المبحث الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه.
المبحث الثالث: الاستثناء في الإيمان.
المبحث الرابع: العلاقة بين الإيمان والإسلام.
المبحث الخامس: حكم مرتكب الكبيرة.
المبحث الأول: معنى الإيمان وحقيقته
ذهبت الماتريدية إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، وذهب بعضهم إلى أنه التصديق بالقلب والإقرار باللسان (^١).
قال أبو المعين النسفي: "الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق، فكل من صدق غيره فيما يخبره يسمى في اللغة مؤمنا به ومؤمنا له، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: ١٧] "أي بمصدق لنا، ثم إن اللغوي وهو التصديق بالقلب هو حقيقة الإيمان الواجب على العبد حقا لله تعالى، وهو أن يصدق الرسول ﷺ فيما جاء به من الله تعالى، فمن أتى بهذا التصديق فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى (^٢).
وهذا القول مخالف لقول أهل السنة والجماعة، فمادة أَمِنَ معناها في اللغة وثِق واطمأنَّ، والأمانة الوثوق (^٣)، يقال: "ما أمنت أن أجد صاحبَه أي ما وثِقْت" (^٤).
قال الراغب الأصبهاني ﵀: "أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف " (^٥).
والإيمان مصدر آمن يؤمن إيمانًا فهو مؤمن (^٦)، وأصل آمن أأمن بهمزتين لينت الثانية (^٧)، وهو من الأمن ضد الخوف (^٨).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: في تعريفه للإيمان: " .. فإن اشتقاقه من الأمن الذي هو الإقرار والطمأنينة، وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والإنقياد" (^٩).
وهذا الإقرار يشمل قول القلب الذي هو التصديق، وعمل القلب الذي هو الانقياد.
(^١) انظر: شرح العقائد النسفية: ٥٥، ٥٦، وحاشية قاسم الحنفي على المسايرة: ٢٩٠ - ٢٩٣، شرح ضوء المعالي: ١٩، ٢٠. (^٢) التمهيد: ٩٩ - ١٠١، التوحيد: ٣٧٣ - ٣٧٩. (^٣) انظر: مادة أمن في الصحاح: ٥/ ٢٠٧١، والقاموس المحيط: ١١٧٦، ولسان العرب: ١٣/ ٢١، والمعجم الوسيط: ٨. (^٤) لسان العرب: ١٣/ ٢١. (^٥) المفردات في غريب القرآن: ٩٠. (^٦) تهذيب اللغة: ١٥/ ٣٦٨. (^٧) الصحاح: ٥/ ٢٠٧١. (^٨) الصحاح: ٥/ ٢٠٧١، والقاموس المحيط: ١١٧٦. (^٩) الصارم المسلول: ٥١٩، وانظر: الفتاوى: ٧/ ٢٨٩.
1 / 60