نازي المانيه
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
ژانرونه
صحيفة بالمعنى الصحيح، ولو أنها لم تصل إلى درجة الكمال والإتقان السابقة قبل العهد الألماني.
وكان أول ما قامت به هذه الصحيفة من أعمال المقاومة السلبية أن حذرت الوطنيين الذين أرادوا في يوم 28 أكتوبر من عام 1939 الاحتفال بذكرى اليوم الذي ظفرت فيه دولة تشيكوسلوفاكيا الحديثة باستقلالها منذ عشرين عاما من نوايا النازيين الذين قرروا إراقة دماء الوطنيين المحتفلين بهذا العيد، فنصحت الجريدة بدلا من إحياء هذه الذكرى في مواكب ومظاهرات، بأن يلزم التشيك منازلهم حتى يتركوا شوارع براج خالية يتجول فيها السادة الألمان وحدهم، ثم اقترحت إلى جانب هذا أن يحتفل الوطنيون بعيدهم القومي، بحمل شارة صغيرة ذات ثلاثة ألوان - شارة الدولة الحديثة: الأزرق والأبيض والأحمر - ونجحت دعوة
V-Boj
نجاحا عظيما. ولكن لسوء الحظ لم يلبث هذا النجاح أن كلف الوطنيين ثمنا غاليا، فقد حدث عندما بزغت شمس يوم 28 أكتوبر 1939، وظهرت براج يخيم عليها السكون من كل جانب كأنه لم يكن بها قاطن، أن قرر «كارل هرمان فرانك» وزير الحماية الألماني أن يخرج مع أعوانه وفي عدد من قواته النازية ليتجول في أنحاء المدينة؛ عله يعثر ببعض عاثري الحظ الذين اقتضت أعمالهم أن يغادروا منازلهم في هذا اليوم المشئوم، أو عله يستطيع أن يحمل الخراب والدمار إلى بيوت الأهلين المسالمين؛ ولذلك ركب «فرانك» مع جماعته السيارات، وقصدوا جميعا إلى أحد الأحياء الأثرية القديمة في براج «طريق الفلكيين»، فخرج لاستقبالهم يهودي هرم ظن أنهم من السائحين الزائرين الذين يقصدون مشاهدة معالم هذا الحي الأثري، فكان نصيبه الموت. ثم قصد «فرانك» وأعوانه بعد ذلك أحد الميادين الكبيرة في قلب المدينة، وهناك عثروا ببعض المارة فألقوا عليهم القذائف اليدوية، وما أن سمع النازيون صوت هذه المفرقعات حتى تدفقوا من أماكنهم وثكناتهم، وامتلأت بهم الشوارع، واستطاعوا أن يخرجوا اليهود من بيوتهم أو من مخابئهم، وقتلوا منهم سبعة عشر شخصا، ثم قاد الجستابو 36 شخصا آخر أذاقوهم العذاب. وبذلك استطاع النازيون أن يسيلوا الدماء في يوم تشيكوسلوفاكيا الوطني! وكان لهذه المأساة آثار خطيرة؛ إذ إن الأهلين - وقد ذاقوا الأمرين من عنت السلطات الألمانية، وإصرارها على سفك دمائهم - لم يلبثوا أن قرروا بدورهم اتباع أساليب المقاومة الإيجابية المعروفة. ومن ذلك الحين لم تذق «براج» طعم الهدوء يوما واحدا، وقضي من ثم على كل أمل في إمكان التعاون بين التشيك وسلطات الحماية الألمانية.
بيد أن هذا لم يكن كل ما نجم من شرور، فقد أفضى إصرار الأهلين في الأيام التالية على العمل باقتراح
V-Boj
وحمل الشارة التي تقدم ذكرها، إلى إثارة سخط النازيين عليهم، حتى إن هؤلاء كثيرا ما كانوا يوقفون حامليها في الطريق، من أجل أن ينتزعوا هذه الشارة عنوة، ولما أعيتهم الحيل، صاروا ينهالون على أصحابها باللكم والضرب، ثم لجئوا في آخر الأمر إلى إطلاق الرصاص على كل شخص جرؤ على حمل هذه الشارة في عروته!
ولما كانت جريدة
V-Boj
هي المسئولة عن ظهور هذا النوع من المقاومة السلبية، فقد حنق الألمان عليها، ونشط الجستابو نشاطا عظيما للقبض على أصحابها ومحرريها وموزعيها، وعرضت السلطات مكافأة مالية كبيرة لمن يرشد عن أشخاصهم، أو يدل على مكان طبع الصحيفة. وأسفرت جهود الجستابو الجديدة عن معرفة مكان مؤقت كان قد اختاره «سكالدا» ورفاقه لطبع صحيفتهم بعد حوادث 28 أكتوبر المشئومة في أحد فنادق براج الكبيرة، فأحاط الجستابو بهذا المكان، ثم هاجموه، وباغتوا فيه رجلين، استطاع أحدهما أن يشعل النار في عدد الجريدة الذي أعد للظهور، وأطلق الجستابو عليه الرصاص من الخلف، وقفز الثاني من النافذة فدق عنقه عند سقوطه، وكان كل ما ظفر به الجستابو عبارة عن 20 نسخة فحسب من آخر أعداد الجريدة!
ناپیژندل شوی مخ