75

والمعروف أن الترافيم أو الطرافين بصيغة الجمع هي تماثيل على صورة البشر تقام في البيوت وتحمل في السفر، ويرمز بها إلى الله.

وقد دعاهم موسى عليه السلام إلى التوحيد ونبذ الأصنام والأوثان، وقيل إنه عليه السلام أول من سمى الإله «يهوا»، وهو اسم لا يعرف اشتقاقه على التحقيق، فيصح أنه من مادة الحياة، ويصح أنه نداء لضمير الغائب؛ لأن بني إسرائيل كانوا يتقون ذكره توقيرا له ويكتفون بالإشارة إليه، ويصح غير ذلك من الفروض.

وعبدوا الإله باسم «إيل» أي القوي في اللغة الآرامية، ولكن الأسماء العبرية تدل على أنهم قد لبثوا زمانا يصفون الإيل بالصفات البشرية ويقبلون نسبة القرابة الإنسانية إليه، كما في اسم عمائيل من «العمومة» أو «إيل أب» من الأبوة وغير ذلك من أواصر الأسرة البشرية.

وظلوا إلى ما بعد أيام موسى عليه السلام ينسبون إلى الإله أعمال الإنسان وحركاته، فذكروا أنه كان يتمشى في الجنة، وأنه كان يصارع، ويأكل ويشرب، ويغشي مركبات الجبال، وأنه دفن موسى حينما مات في موآب.

وقد خلت الكتب الإسرائيلية من ذكر البعث واليوم الآخر، فالأرض السفلى أو الحب، أو شيول هي الهاوية التي تأوى إليها الأيتام بعد الموت، ولا نجاة منها لميت، «وإن الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد.»

وأول إشارة ليوم كيوم البعث وردت في الإصحاح الرابع والعشرين من كتاب أشعيا الذي عاش نحو القرن الثالث قبل الميلاد، وفيه نبوءة عن يوم «يطالب فيه الرب جند العلاء في العلاء ويجمعون جمعا كأسارى في سجن، ويخجل القمر وتخزى الشمس؛ لأن رب الجنود قد ملك في جبل صهيون وفي أورشليم»، وفي الإصحاح السابع والعشرين بعده «أن الرب يعاقب بسيفه القاسي الشديد في ذلك اليوم لوياثان الحية العارية: لوياثان الحية المتحوية ويقتل التنين الذي في البحر»، ومن أعمال ذلك اليوم كما جاء في الإصحاح الخامس والعشرين: «إن رب الجنود يصنع لجميع الشعوب وليمة سمائن: وليمة خمر على دردي سمائن ممخة: دردي مصفى.»

وجاءت إشارة أخرى إلى يوم البعث والدينونة في الإصحاح الثاني عشر من كتاب دانيال، وهي أصرح من الإشارات السابقة حيث يقول فيها النبي: «إن كثيرين من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون: هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي»، ويلاحظ أن كتاب دانيال لا يحسب من كتب العهد القديم في جميع النسخ.

ويرجع تاريخ هذه النبوءة إلى أواخر القرن الثاني قبل الميلاد حوالي سنة مائة وخمس وستين، وإنما كان الثواب والعقاب قبل ذلك نصرا يؤتاه الإسرائيليون على الأعداء أو بلاء يصابون به على أيدي الأقوياء، جزاء لهم على خيانة «يهوا» وعبادة غيره من أرباب الشعوب.

وكان معنى الكفر في الإسرائيلية الأولى كمعنى الخيانة الوطنية في هذه الأيام، فكانت للشعوب آلهة يؤمن الإسرائيليون بوجودها، ولكنهم يحرمون عبادتها كتحريم الانتماء إلى دولة أجنبية، فرب الشعب أحق بولائه وعبادته من الأرباب الغرباء.

وظلوا على ذلك إلى أن فهموا «الوحدانية» التي تتعالى على الشبيه والنظير في أيام أشعيا الثاني القائل بلسان الرب: «بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه؟» وهو الذي شدد النكير عليهم قائلا: إن الله هو الأول منذ القدم، وهو المخبر منذ البدء بالأخير، ونعى عليهم أن يعبدوا صنما «يرفعونه على الكتف ويحملونه ويضعونه في مكانه ليقف في موضع ولا يبرحه، ويناديه الداعي فلا يجيب.»

ناپیژندل شوی مخ