100

الكشف المبدي

الكشف المبدي

پوهندوی

رسالتا ماجستير للمحققَيْن

خپرندوی

دار الفضيلة

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٢ هـ

د چاپ کال

٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

الرياض

ژانرونه

فصل وجماع القول في هذه الآية الكريمة: هو أن الله ﷾ قد شرط لِوَجْدِه توابًا رحيمًا للمنافقين، الذين يزعمون أنهم آمنوا بالله وما أُنزل على رسوله ويريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ويصدون صدودًا عن حكم الله ورسوله؛ ثلاثة شروط: بمجيئهم إليه ﷺ، واستغفارهم عنده، واستغفار الرسول لهم؛ فلو أخلُّوا بشرط من هذه الشروط الثلاثة لم يقبل الله توبتهم. ومعلوم أن هذا الحكم قد انقطع بوفاته ﷺ باتفاق المسلمين؛ فلم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف أنه قال: من شروط التوبة المجيء إلى قبره ﷺ ولو من الأماكن النائية، والاستغفار عنده، واستغفار الرسول لهم، ولو قال أحد هذا لكان مناقضًا لكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه ﷺ ولإجماع المسلمين؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا﴾، والأحاديث الواردة في فضل التوبة مشهورة، وليس فيها اشتراط المجيء إلى قبر أحد؛ فعلم بهذا أن قول السبكي قول ساقط ليس عليه أثارة من علم ولا سبقه إلى مثله أحد من أهل التفسير، ولو كان معنى الآية كما زعم هذا المعترض؛ لكان المجيء إلى قبره ﷺ والسفر إليه فرضًا كالصلاة والحج، ومن تخلف عنه يموت عاصيًا؛ إذ هو لم يتب من ذنبه ولو تاب في اليوم مائة مرة؛ لأنَّ ذلك لم تتوفر فيه هذه الشروط الثلاثة المتقدمة، وهذا السبكي لا يقول بهذا؛ فكيف يجعل هذا مستحبًّا فقط. وقوله: «لأن المجيء يصدق على المجيء من بعد ومن قرب ومن سفر» . فجوابه: نعم؛ هذه المعاني كلها يحتملها لفظ (المجيء)، ولكن لما كان هذا ليس شرطًا مستمرًا لقبول توبة كل من تاب؛ فتعين حمل (المجيء) بهذه المعاني على: المجيء إليه في حياته ﷺ كما بينّا ـ. وقوله: «لأنَّ العلة وجد أن الله - تعالى - توابًا رحيمًا» . فجوابه أن يُقال: ليس هذا مختصًّا بزمان دون زمان ومكان دون مكان؛ بل متى أقبل العبد على ربه، وجاءه مستغفرًا، مقلعًا عن ذنبه، صادقًا من قلبه، خاشعًا

1 / 133