350

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

خپرندوی

دار القلم

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

قال السعدي: " إذا اجتمعوا بالمؤمنين، أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم" (١).
وقرأ محمد بن السميقع: "وإذا لاقوا وهما بمعنى واحد" (٢).
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤]، "أي: وإِذا انفردوا ورجعوا إِلى رؤسائهم وكبرائهم، أهلِ الضلالِ والنفاق" (٣).
قال السعدي: أي: إلى"رؤسائهم وكبرائهم في الشر" (٤).
قال أبو مالك: قوله: ﴿خلوا﴾، يعني: مضوا" (٥).
واختلف في معنى ﴿شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤]، على أقاويل (٦):
أحدها: قالوا: ﴿شَيَاطِينِهِمْ﴾: أي: سائر أهل الشرك الذين هم على مثل الذي هم عليه من الكُفر بالله وبكتابه ورسوله.
والثاني: وقيل: شياطينهم من اليهود. قاله ابن عباس (٧)، وروي عن السدي (٨)، وأبي العالية (٩) والربيع (١٠) مثل ذلك.
والثالث: وقيل: رءوسهم في الكُفر. وهذا قول ابن مسعود (١١).
والرابع: وقيل: أي رؤسائهم وقادتهم في الشرك والشرّ. قاله قتادة (١٢).
والخامس: وقيل: وهم المشركون. قاله قتادة (١٣).
والسادس: وقيل: أصحابِهم من المنافقين والمشركين. قاله مجاهد (١٤)، والربيع (١٥).
قلت: وجميع آراء السابقة صحيحة، والقول الأول يجمع جميع الأقوال وهو الأقرب، وبه قال الإمام الطبري (١٦).
وفي قوله: ﴿إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤]، ثلاثة أوجه (١٧):
أحدها: معناه: مع شياطينهم، فجعل (إلى) موضع (مع)، كما قال تعالى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إلى اللهِ﴾ [آل عمران: ٥٢]، يريد: مع الله، وكما توضع (على) في موضع (من)، و(في) و(عن) و(الباء)، كما قال الشاعر (١٨):
إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
فقوله (رضيتْ عليّ) أريد به: (رضيتْ عَنِّي).
والثاني: وهو قول بعض البصريين: أنه يقال خلوت إلى فلان، إذا جعلته غايتك في حاجتك، وخلوت به يحتمل معنيين: أحدهما الخلاء به في الحاجة، والآخَر في السخرية به.
وعلى القول الأخير: ايكون قوله: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾، أفصح، وهو على حقيقته مستعمل.

(١) تفسير السعدي: ١/ ٤٣.
(٢) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٥.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٣٠.
(٤) تفسير السعدي: ١/ ٤٣.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٣٥): ص ١/ ٤٧.
(٦) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٩٥ - ١٩٨.
(٧) أنظر: تفسير الطبري (٣٤٩)، و(٣٥٠): ص ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧، وابن أبي حاتم (١٣٧): ص ١/ ٤٧.
(٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٤٠): ص ١/ ٤٨.
(٩) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٤٨.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٤٨.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٣٥١): ص ١/ ٢٩٧.
(١٢) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٣٨): ص ١/ ٤٧، ونحوه في تفسير الطبري (٣٥٢): ص ١/ ٢٩٧.
(١٣) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٣): ص ١/ ٢٩٧.
(١٤) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٤)، و(٣٥٥)، و(٣٥٨): ص ١/ ٢٩٧ - ٢٩٨، وابن أبي حاتم (١٣٩): ص ١/ ٤٧.
(١٥) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٦): ص ١/ ٣٩٨.
(١٦) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٢٩٦.
(١٧) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٧٦، وتفسير الطبري: ١/ ١٩٨ - ١٩٩.
(١٨) الشعر للعقيف العقيلي، يمدح حكيم بن المسيب القشيري. نوادر أبي زيد: ١٧٦، خزانة الأدب ٤: ٢٤٧، وغيرهما كثير.

2 / 86