الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
ژانرونه
والثاني: أن (الشيطان) مأخوذ من الفعل (شاط)، وعلى هذا الاشتقاق يكون على وزن فعلان، والنون فيه زائدة، بمعنى: احترق من الغضب، فهو من: شاط يشيط، وتشيط: إذا لفحَته النار فاحترق أو هلك، مثل هيمان وغيمان، مِن هام وغام (١)، فسمي الشيطان سمي شيطانا، لغيه وهلاكه (٢)، قال الأعشى (٣):
وَنَطْعَنُ الْعَيْرَ فِي مَكْنُونِ فَائِلِهِ ... وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أَرْمَاحِنَا الْبَطَلُ
أراد: وقد يهلك على أرماحنا (٤).
وذكر ابن الأثير أن نون (الشيطان) إذا جعلت أصلية كان من الشطن وهو: البعد عن الخير، أو الحبل الطويل، كأنه طال في الشر، وإن جعلت زائدة كان من شاط يشيط: إذا هلك، أو من استشاط غضبًا، إذا احتد في غضبه والتهب، قال: والأول أصح (٥)، وذكر ابن كثير أن من العلماء من صحح المعنيين مع قولهم بأن الأول أصح (٦).
والشطن: البعد، ومنه شطنت داره، أي بعدت، ويقال: نوى شطون أي بعيدة، وبئر شطون: أي بعيدة القعر، ويقال للحبل شطن سمي بذلك لطوله، وجمعه أشطان، وفي الحديث: «كُلُّ هَوىً شَاطِنٌ فِي النَّارِ» (٧) (٨).
قال ابن قتيبة: "الشاطن البعيد عن الحق" (٩).
قال محمد بن إسحاق: " إِنَّمَا سمي شَيْطَانا لِأَنَّهُ شطن عَن أَمر ربه. والشطون: الْبعيد النازح " (١٠).
وقال أبو عبيد: "الشيطان كل عات متمرد من إنس، أو جن" (١١)، أو دابة، قال جرير (١٢):
أيامَ يدعُونني الشَيْطانَ من غَزَلٍ ... وهُنَّ يَهْوَيْنَني إذْ كنتُ شَيْطانا
ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيا عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢]، وكذا قوله: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ﴾ [البقرة: ١٤]، أي أصحابهم من الجن والإنس، وقوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ﴾ [الأنعام:
(١) انظر: مقاييس اللغة ٣/ ١٨٤ - ١٨٥)، ولسان العرب ١٧/ ١٠٥)، والمفردات - الراغب الأصفهاني: ٢٦١. (٢) انظر: الزاهر في معاني كلمات الناس، أبو بكر الأنباري: ١/ ٥٦. (٣) ديوانه: ٤٧، وانظر: المنجد في اللغة: ٢٣١، والفائل: عرق في الفخذين يكون في خربة الورك ينحدر في الرجلين. (٤) انظر: الزاهر في معاني كلمات الناس، أبو بكر الأنباري: ١/ ٥٦. (٥) النهاية في غريب الحديث والأثر: ٢/ ١١٦٠. (٦) تفسير ابن كثير: ١/ ١٥. (٧) غريب الحديث لابن قتيبة: ٣/ ٧٥٩، والفائق في غريب الحديث: ٢/ ٢٤٦، والنهاية في غريب الحديث: ٢/ ٤٧٥ (٨) لسان العرب: ١٣/ ٢٣٧. (٩) غريب الحديث: ٣/ ٧٥٩. (١٠) غريب الحديث لابن قتيبة: ٣/ ٧٥٩. (١١) انظر: بحر العلوم، السرمقندي: ١/ ٢٧٧. (١٢) ديوانه: ١٦٥.
1 / 179