الإملاء والترقيم في الكتابة العربية
الإملاء والترقيم في الكتابة العربية
خپرندوی
مكتبة غريب
د خپرونکي ځای
مصر
ژانرونه
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
ليس الرسم الإملائي إلا تصويرا خطيا لأصوات الكلمات المنطوقة، يتيح للقارئ أن يعيد نطقها طبقا لصورتها التي نطقت بها، ولما كانت بعض الحروف في الكتابة العربية تخضع في رسمها إلى عوامل أخرى محررة من التزام الصورة النطقية، فقد جدت الحاجة إلى وضع ضوابط عامة، تنظم رسم الحروف في أوضاعها المختلفة، وهذه الضوابط هي التي نسميها قواعد الرسم الإملائي.
ومما يجدر التنويه به أن الإملاء العربي -إذا قيس بالإملاء في كثير من اللغات- يمتاز بأنه غالب الاطراد، قليل الشذوذ، سهل الفهم، محدود الصعوبات، مضبوط القواعد، وأن الحملة عليه، والشكوى منه، لا تقوم على أساس، وليست إلا صيحة من ادعاءات المتجنين دائما على العربية، في كل ما يتصل بها من آداب، وقواعد إملائية.
وهذا الكتيب يعرض القواعد الإملائية، التي بحثها العلماء، في أزمنة
متعاقبة، ولكن لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن كثيرا من أحكام هذه القواعد، لم يكن موضع اتفاق بين العلماء، بل تعددت فيه آراؤهم؛ لتعدد ما ساقوه من العلل
والأسباب، ووجد كل رأي أنصارا ومشايعين من الكتاب، فظهرت بعض الكلمات بأكثر من صورة خطية في معارض مختلفة، وألف الكتاب
1 / 3
هذه الصور المتباينة للكلمة الواحدة، فالتبس الأمر عليهم، ولم تشفهم القواعد المتداولة؛ لأن بها من الخلاف ما يزيد الأمر تعقيدا.
وقد فطن إلى هذه الناحية كثير من ذوي الغيرة على اللغة، فحاولوا -مخلصين- أن ييسروا الأمر على الكتاب، بتهذيب تلك القواعد وتوحيدها، وخطت بعض الهيئات والمجامع اللغوية خطوات جادة في هذا السبيل، ولكن النتائج المنشودة لم تصل إليها الجهود المبذولة حتى الآن.
ومع هذه الصعوبات الراهنة، فكرت في وضع هذا الكتيب، لا لأعالج به أمر الخلاف بين العلماء في رسم بعض الحروف، فأنا أعتقد أن هذا الغرض
الجليل لا ينهض به فرد عربي واحد، ولا أمة عربية واحدة؛ لأنه يتصل بالتراث
العربي المطبوع والذي يطبع، وهو تراث ضخم، تشترك الدول العربية في تداوله، ومن حقه أن تفرغ له هيئة علمية لغوية، تمثل الدول العربية؛ ليكون رأيها الحاسم موضع الرضا والتسليم من قراء العربية وكتابها جميعا -ولكني هممت بتأليف هذا الكتيب؛ لما اتضح لي من حاجة الكاتبين -طلابا ومعلمين وعاملين بالدواوين ونحوها، إلى معرفة الضوابط الصحيحة لرسم الكلمات؛ توقيا للخطأ الذي يشوه الكتابة، ويفسد التعبير أحيانا؛ ومع هذه الحاجة نجد أن الكتب التي ألفت في هذا الموضوع قليلة، وأكثرها طبع منذ عهد بعيد، فنفدت نسخه، ولم يظفر بشيء من الحماسة لإعادة طبعه، والجد في نشره.
وقد توخيت في وضع هذا الكتيب عدة أمور، أهمها:
١- أني تجنبت الخلافات، وذلك بالاقتصار على أسهل الصور،
1 / 4
وأشهرها استعمالا، وأكثرها تداولا، وأدخلها في الاطراد، وذلك في المواضع التي
تعددت فيها الآراء.
٢- أكثرت من الأمثلة؛ ليكون ذلك بمثابة تدريب وتمكين.
٣- بسطت في صور التقسيم والتبويب، بحيث تستقل كل صورة نطقية من صور الهمزة بقاعدة متميزة.
٤- أعدت قواعد كل من الهمزة المتوسطة، والهمزة المتطرفة في جدول خاص ينتظم أنواعها مع التمثيل؛ فالجداول أسهل تصورا، وأسرع دلالة.
٥- لما كانت علامات الترقيم ركنا أساسيا من أركان الكتابة، ضمنت هذا الكتيب بابا خاصا بالترقيم، وعلاماته، ومواضع استعمالها، لتستوي بذلك قواعد الرسم الإملائي، مكتملة العناصر والأركان.
٦- وقد رأيت -زيادة للفائدة- أن أعرض في صدر هذا الكتاب بحثا تربويا، يتضمن طائفة من الحقائق، والتجارب التعليمية، التي تتصل بعلاج الإملاء في مجالات الإعداد والتدريس والتدريب والتصحيح، يسترشد بها المدرسون، فيكون أهدى سبيلا، وأدنى إلى السداد، وإدراك الهدف المنشود.
كما يتضمن هذا البحث بعض الوصايا التي أوجهها إلى المدرسين بعد نظرتي إلى المناهج الحالية للإملاء في المراحل التعليمية المختلفة، واستنباط ما تتطلبه هذه
المناهج من أساليب تربوية خاصة، تلائم عمر التلميذ، ومستواه اللغوي، وتعالج ما يعترضه من صعاب، وما يتعرض له من أخطاء.
1 / 5
٧- كما خصصت الباب الأخير لمناقشة القواعد الإملائية الحالية، من الناحية العلمية، في حدود تجاربي واجتهادي، لعل هذه المناقشة تشجع أعلام اللغة
وروادها على أن يعاودوا البحث، فيصلوا إلى شيء من التعديل والتهذيب، يقضي على بعض الخلافات التي تشيع في الرسم الإملائي، ويقع بها الكُتّاب
في حيرة واضطراب.
والله أسأل أن ينفع بهذا الجهد، وهو الموفق
المؤلف
1 / 6
الباب الأول: الإملاء في المجال التربوي
تمهيد:
حين تصديت لتأليف هذا الكتاب، كان الهدف الذي نشدت تحقيقه مقتصرا على شرح القواعد الإملائية، في أشهر صورها، وبذلك يكون الكتاب لتوضيح المادة، لكل من يرجع إليه: من الطلاب والمعلمين وكل من يكتبون باللغة العربية، ثم رأيت بعد ذلك أن المعلمين في حاجة -كذلك- إلى الوقوف على الأساليب التربوية، التي يجب اتباعها في المواقف التعليمية لمادة الإملاء؛ ليكون عملهم على هدى وبصيرة؛ ولتثمر جهودهم، دون كد أو معاناة؛ وبهذا يجمع الكتاب بين المادة والطريقة، وذلك اتجاه محمود، تنادي التربية الحديثة بالأخذ به، في الكتب المدرسية، وليس هذا غريبا، فقد أخذت به وزارة التربية والتعليم، حين حرصت على أن تصدر المناهج الدراسية، التي تحصر الأبواب المقررة دراستها، بطائفة من التوجيهات التربوية، مطالبة المدرسين باتباعها، ولا نستطيع أن نجحد فائدة هذه التوجيهات، لمن يعنون بدراستها وتطبيقها.
وقد رأينا الوزارة أيضا تطلب إلى مؤلفي الكتب المدرسية أن يضمنوا مقدمات هذه الكتب طريقة استعمالها، في الفصل وخارجه، وهذه صورة من صور الجمع بين المادة والطريقة في الكتاب المدرسي.
وفي ضوء هذا المبدأ نعرض فيما يلي جانبا من الحقائق التربوية، التي ينبغي ملاحظتها في تعليم الإملاء.
1 / 7
أهداف درس الإملاء:
لا جدال في أن تحديد الهدف لكل عمل، يساعد على اختيار أنجح الوسائل
الكفيلة بتحقيق الغاية من هذا العمل، في سرعة وسهولة، ومن أهداف درس الإملاء:
١- تدريب التلاميذ على رسم الحروف والكلمات رسما صحيحا مطابقا للأصول الفنية، التي تضبط نظم الكتابة أحرفا وكلمات.
٢- تذليل الصعوبات الإملائية التي تحتاج إلى مزيد من العناية: كرسم الكلمات المهموزة أو المختومة بألف لينة، أو الكلمات التي تتضمن بعض الحروف القريبة أصواتها من أصوات حروف أخرى، لا يميز بينها غير التفخيم والترقيق ونحو ذلك، مثل: السين والصاد والثاء، ومثل: الذال والزاي والظاء.
وتزداد هذه الصعوبة إذا اجتمع في الكلمة الواحدة حرفان متقارب صوتاهما، أو مختلفان ترقيقا وتفخيما مثل: صوت وسوط ووسط، مثل: يتطلع، ويتطلب، ومثل: يصطدم ويصطنع، ومثل: يزداد، ونحو ذلك، ومثل الكلمات التي تتوالى فيها أحرف من فصيلة واحدة في الكتابة، مثل: الباء والتاء والثاء والنون والياء في مثل: ثبت، بيت، نبت، يثبت، يتثبت، ومثل: مصر، مطر، يصبر.
٣- الإملاء فرع من فروع اللغة العربية، وللغة عدة وظائف، تدور حول الفهم والإفهام، ومن أهداف الإملاء أن يسهم في هذا الجانب، بأن يزيد في معلومات التلميذ، بما تتضمنه القطعة من ألوان الخبرة وفنون الثقافة والمعرفة وبأن يقدره على تصوير ما في نفسه، مكتوبا كتابة سليمة، تمكن القارئ من فهمه على وجهه الصحيح.
1 / 8
٤- ومن أهداف دروس الإملاء تجويد خط التلاميذ، وإذا بكّر المدرسون برعاية هذا الهدف، خفت مشكلات كثيرة ثقيلة، تنشأ عن رداءة خطوط الطلاب الكبار والعاملين في الدواوين والمؤسسات.
٥- درس الإملاء: يتكفل بتربية العين عن طريق الملاحظة والمحاكاة في الإملاء
المنقول، وتربية الأذن بتعويد التلميذ حسن الاستماع، وجودة الإنصات، وتمييز الأصوات المتقاربة لبعض الحروف، وتربية اليد بتمرين عضلاتهاعلى إمساك القلم، وضبط الأصابع، وتنظيم تحركها، وهكذا.
٦- وإذا اعتبرنا الهدف السابق من الأغراض الفسيولوجية وما قبله من الأغراض التعليمية، فهناك أغراض أخرى تتصل بالنواحي الخلقية والذوقية، مثل: تعويد التلميذ النظام والحرص على توفير مظاهر الجمال في الكتابة وبهذا ننمي فيه الذوق الفني.
٧- ومن الأهداف اللُّغوية لدرس الإملاء إمداد التلميذ بثروة من المفردات والعبارات، التي تفيده في التعبير، حديثا أو كتابة.
ومن هذه الأهداف يتبين لنا أن درس الإملاء يتكفل بتحقيق أغراض جليلة: تربوية، وخلقية، وفنية، ولُغوية.
منزلة الإملاء بين فروع اللغة:
١- للإملاء منزلة عالية بين فروع اللغة؛ لأنه الوسيلة الأساسية، إلى التعبير
الكتابي، ولا غنى عن هذا التعبير، فهو الطريقة الصناعية، التي اخترعها الإنسان في أطوار تحضره؛ ليترجم بها عما في نفسه، لمن تفصله عنهم المسافات الزمانية والمكانية، ولا يتيسر له الاتصال بهم عن طريق الحديث الشفوي.
1 / 9
وإذا كانت القواعد النحْوية والصرفية وسيلة إلى صحة الكتابة، من النواحي الإعرابية والاشتقاقية ونحوها، فإن الإملاء وسيلة إليها، من حيث الصورة الخطية.
ونستطيع أن ندرك منزلة الإملاء بوضوح، إذا لاحظنا أن الخطأ الإملائي يشوه الكتابة، وقد يعوق فهم الجملة، كما أنه يدعو إلى احتقار الكاتب وازدرائه، مع أنه قد يغفر له خطأ لُغوي من لون آخر.
أما بالإضافة إلى التلاميذ، في المراحل التعليمية الأولى، فالإملاء مقياس دقيق للمستوى التعليمي الذي وصلوا إليه، ونستطيع -في سهولة- أن نحكم على مستوى الطفل، بعد أن ننظر إلى كراسته، التي يكتب فيها قطع الإملاء.
عوامل التهجي الصحيح:
يرتبط التهجي الصحيح بعوامل أساسية، بعضها عضوي، كاليد والعين والأذن، وبعضها فكري:
أما اليد:
فهي العضو الذي يعتمد عليه في كتابة الكلمة، ورسم أحرفها صحيحة مرتبة، وتعهد اليد أمر ضروري لتحقيق هذه الغاية؛ ولهذا ينبغي الإكثار من تدريب التلميذ تدريبًا يدويا على الكتابة؛ حتى تعتاد يده طائفة من الحركات العضلية الخاصة، يظهر أثرها في تقدم التلميذ وسرعته في الكتابة.
وأما العين:
فهي ترى الكلمات، وتلاحظ أحرفها مرتبة وفقا لنطقها؛ وهي بهذا تساعد على رسم صورتها صحيحة في الذهن، وعلى تذكرها حين يراد كتابتها.
ولكي ننتفع بهذا العامل الأساسي، في تدريس الإملاء يجب أن نربط
1 / 10
بين دروس القراءة ودروس الإملاء، وبخاصة مع صغار التلاميذ، وذلك بأن يكتبوا في كراسات الإملاء بعض القطع التي قرءوها في الكتاب، أو جملًا قصيرة، يكتبها المدرس على السبورة، أو تعرض عليهم في بطاقات، وهذا يحملهم على تأمل الكلمات بعناية، ويبعث انتباههم إليها، ويعود أعينهم الدقة في ملاحظتها، واختزان صورها في أذهانهم، وتتحقق هذه الغاية في فترات القراءة الجهرية وبصورة أوفى في فترات القراءة الصامتة.
وينبغي أن يتم الربط بين القراءة والكتابة في حصة واحدة، أو في فترتين متقاربتين؛ أي قبل أن تمحى من أذهان الأطفال الصور التي اختزنوها.
كما ينبغي أن نعرض الكلمات الصعبة، والكلمات الجديدة على السبورة فترة
من الزمن، ثم نمحوها قبل إملاء القطعة؛ لنهيئ للعين فرصة كافية لرؤية الكلمات، والاحتفاظ بصورها في الذهن.
وأما الأذن:
فهي تسمع الكلمات، وتميز مقاطع الأصوات وترتيبها، وهذا يساعد على تثبيت آثار الصور المكتوبة المرئية؛ ولهذا يجب الإكثار من تدريب الأذن على سماع الأصوات، وتمييزها وإدراك الفروق الدقيقة، بين الحروف المتقاربة المخارج، والوسيلة العملية إلى ذلك هي الإكثار من التهجي الشفوي لبعض الكلمات قبل كتابتها.
العوامل الفكرية:
أما العوامل الفكرية التي يرتبط بها التهجي الصحيح، فتقوم على ما حصله التلاميذ من المفردات اللغوية، في مجالات القراءة والتعبير، ومدى قدرتهم على فَهْم هذه المفردات، والتمييز بين معانيها، ومدى ملاءمتها لسياق الكلام، ويظهر
1 / 11
أثر هذا الوعي اللغوي في اتقاء الأخطاء اللغوية، التي يقع فيها كثير من التلاميذ، في كتابة أمثال هذه الكلمات: أذهان، مراعاة، لا يتسنى له، المدرسة الثانوية، يختلط، يصطدم، فهمت كل ما قلته، إذ يكتبون هذه الكلمات بترتيبها السابق: أزهان، مراعات، لا يتثنى له، المدرسة السنوية، يخطلط، يسطدم، أو يصتدم، أو يصطضم، فهمت كلما قلته ... وهكذا، فلاشك أن هذا الخطأ مرده إلى ضعف المحصول اللغوي والعجز عن إدراك ما يتطلبه سياق الكلام من كلمات ملائمة، وتجنب ما يشبهها أو يقاربها صوتا.
أما الأخطاء التي تقع في رسم الكلمات المهموزة أو المختومة بألف لينة، أو الكلمات التي يحذف منها حرف، أو يزاد فيها حرف، أو غير ذلك، فستأتي في شرح القواعد الإملائية، في الأبواب الآتية من الكتاب.
مادة الإملاء:
إذا أحسن اختيار قطعة الإملاء، كان في ذلك نفع كبير للتلميذ، ولهذا يجب مراعاة ما يأتي:
١- أن تكون القطعة مشوقة بما تحويه من معلومات طريفة، تزيد في أفكار التلاميذ، وتمدهم بفنون من الخبرة، وألوان من الثقافة، ومن أحسن النماذج
المحققة لهذا الغرض القصص والأخبار المشوقة.
٢- أن تكون متصلة بحياة التلاميذ، ملائمة لمستواهم العقلي، مرتبطة بما يدرسونه في فروع اللغة، والمواد الأخرى.
٣- أن تكون مفرداتها وأساليبها سهلة مفهومة، ولا يتسع مجال القطع الإملائية للمفردات اللغوية الصعبة؛ فلها مجالات أخرى، في موضوعات
1 / 12
قادمة.
٤- أن تكون مناسبة للتلاميذ، من حيث الطول والقصر، ويغالي بعض المدرسين، فيطيل القطعة؛ وبهذا يستهلك الوقت الذي ينبغي أن يصرف في مناقشة القطعة وفهمها، أو يجعلها قصيرة، فيضيع على التلاميذ كثيرا من الفوائد.
٥- ألا يتكلف المدرس في تأليف قطعة الإملاء، فيحشد فيها من المفردات الخاصة، التي يظنها مساعدة على تثبيت قاعدة إملائية، فهذا التكلف قد يفسد الأسلوب، بل يجب أن يكون تأليف القطعة بأسلوب طبيعي لا تكلف فيه؛ لأن الإملاء -قبل كل شيء- تعليم لا اختبار.
٦- لا مانع من اختيار قطعة الإملاء من موضوعات القراءة، بل يجب هذا مع صغار التلاميذ.
الصلة بين الإملاء وغيره:
يفهم مما سبق أن غاية الإملاء، لا تقف عند هذه الحدود القريبة التي يظنها
بعض المدرسين؛ إذ يمكن اتخاذ الإملاء وسيلة إلى ألوان متعددة من النشاط اللغوي، وإلى كسب التلاميذ كثيرا من المهارات والعادات الحسنة في الكتابة والتنظيم، وهذه بعض النواحي التي ينبغي ربطها بالإملاء:
١- التعبير: فقطعة الإملاء جيدة الاختيار، مادة صالحة لتدريب التلاميذ على
التعبير الشفوي: بالأسئلة والمناقشة، والتعبير الكتابي: بالتلخيص والنقد والإجابة عن الأسئلة كتابة.
٢- القراءة: فبعض أنواع الإملاء يتطلب القراءة قبل الكتابة، كالإملاء المنقول، والإملاء المنظور.
٣- الثقافة العامة: فقطعة الإملاء الصالحة وسيلة مجدية إلى تزويد التلاميذ بألوان من المعرفة وإلى تجديد معلوماتهم، وزيادة صلتهم بالحياة.
1 / 13
٤- الخط: ينبغي أن نحمل التلاميذ دائما على تجويد خطهم، في كل عمل كتابي، وأن تكون كل التمرينات الكتابية تدريبا على الخط الجيد، ومن خير الفرص الملائمة لهذا التدريب، درس الإملاء، ومن أحسن الطرق التي يتبعها المدرسون، لحمل التلاميذ على هذه العادة، محاسبتهم على الخط، ومراعاة ذلك في تقدير درجاتهم في الإملاء.
٥- المهارات والعادات المحمودة: في درس الإملاء مجال متسع لأخذ التلاميذ بكثير من العادات والمهارات، ففيه تعويد التلاميذ جودة الإصغاء، وحسن الانتباه والاستماع، والنظافة والتنسيق، وتنظيم الكتابة باستخدام علامات الترقيم، وملاحظة الهوامش، وتقسيم الكلام فقرات.....ونحو ذلك.
أنواع الإملاء
أ- الإملاء المنقول:
معناه: أن ينقل التلميذ القطعة من كتاب أو سبورة، أو بطاقة، بعد قراءتها وفهمها وتهجي بعض كلماتها هجاء شفويًا، وهذا النوع من الإملاء يلائم أطفال الصفين الأول والثاني من المرحلة الابتدائية؛ لأنه الوسيلة الطبيعية لتعليم هؤلاء الأطفال الكتابة، إذ يعتمد على الملاحظة والمحاكاة، وهما من الجهود الحسية التي يستطيعها هؤلاء الأطفال؛ ولأن الهجاء متصل بالقراءة اتصالا وثيقا في هذين الصفين، ويطلب تدريب الأطفال على القراءة وعلى كتابة ما يقرءون في وقت واحد، أو في وقتين متقاربين.
ويلائم -كذلك- أطفال الصف الثالث، في معظم فترات العام الدراسي، وقد تستوجب حال بعض التلاميذ الضعفاء في الصف الرابع، أن يمتد تدريبهم على الإملاء المنقول في واجبات منزلية.
1 / 14
طريقة تدريسه:
يسير المدرس على حسب الخُطوات التالية:
١- التمهيد لموضوع القطعة، بقراءتها وفهمها قبل الكتابة، فإذا كان الموضوع جديدا لم تسبق قراءته -وهذا في الصف الثالث- يستخدم في التمهيد عرض النماذج أو الصور، كما تستخدم الأسئلة الممهدة لفهم الموضوع.
٢- عرض القطعة في الكتاب، أو البطاقة، أو على سبورة إضافية دون أن تضبط كلماتها في البطاقة أو السبورة؛ حتى لا ينقل التلاميذ هذا الضبط، ويتورطوا في سلسلة من الأخطاء، وتشق عليهم الملاحظة والمحاكاة من جراء هذه الصعوبات المتراكمة.
٣- قراءة المدرس القطعة قراءة نموذجية.
٤- قراءات فردية من التلاميذ؛ حملا لهم على مزيد من دقة الملاحظة، ويجب الحرص على عدم مقاطعة القارئ، لإصلاح خطأ في الضبط.
٥- أسئلة في معنى القطعة، إذا كانت جديدة على التلاميذ؛ للتأكد من فهمهم لأفكارها، وفي هذه الخطوة تدريب للتلاميذ على التعبير الشفوي الذي ينبغي أن يكون له نصيب في كل درس.
٦- تهجي الكلمات الصعبة التي في القطعة، وكلمات مشابهة لها، ويحسن تمييز هذه الكلمات، إما بوضع خطوط تحتها، وإما بكتابتها بلون مخالف، وإما بوضعها بين وسين، وذلك في حال استخدام السبورة الإضافية، وطريقة هذا التهجي أن يشير المدرس إلى الكلمة، ويطلب من تلميذ قراءتها، وتهجي حروفها، ثم يطالب غيره بتهجي كلمة أخرى، يأتي بها المدرس مشابهة للكلمة السابقة، من حيث الصعوبة الإملائية ثم ينتقل إلى كلمة أخرى، وهكذا.
1 / 15
٧- النقل ويراعى فيه ما يأتي:
أ- إخراج الكراسات وأدوات الكتابة، وكتابة التاريخين ورَقْم الموضوع، نقلا عن السبورة.
ب- أن يملي المدرس على التلاميذ القطعة كلمة كلمة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى هذه الكلمات في حال استخدام السبورة الإضافية.
ج- أن يسير جميع التلاميذ معا في الكتابة، وأن يقطع المدرس السبيل على التلاميذ الذين يميلون إلى التباهي بالانتهاء من كتابة الكلمة قبل غيرهم.
٨- قراءة المدرس القطعة مرة أخرى؛ ليصلح التلاميذ ما وقعوا فيه من خطأ أو ليتداركوا ما فاتهم من نقص.
٩- جمع الكراسات بطريقة منظمة هادئة.
١٠- إذا بقي من الحصة شيء من الوقت، يمكن شغله بعمل آخر مفيد، مثل تحسين الخط، أو مناقشة معنى القطعة، على مستوى أوسع.
مزايا الإملاء المنقول:
يحقق درس الإملاء المنقول كثيرًا من الغايات اللغوية والتربوية:
١- ففيه تدريب على القراءة، وتدريب على التعبير الشفوي.
٢- وفيه -كذلك- تدريب على التهجي، ومعرفة الصور الكتابية للكلمات الجديدة، التي تشير إلى صعوبة إملائية.
٣- والتلميذ يتعود في هذا الدرس قوة الملاحظة، وحسن المحاكاة، وتنمو مهارته في الكتابة، ويزيد إدراكه للصلة بين أصوات الحروف وصورتها الكتابية.
٤- ويعود -كذلك- النظام والتنسيق وتجويد الخط.
1 / 16
ب- الإملاء المنظور:
ومعناه أن تعرض القطعة على التلاميذ لقراءتها وفَهمها، وهجاء بعض كلماتها ثم تحجب عنهم، وتملى عليهم بعد ذلك.
وهذا النوع من الإملاء، يلائم -بوجه عام- تلاميذ الصف الرابع من المرحلة الابتدائية، ويجوز امتداده إلى الصف الخامس، مع بعض التلاميذ، كما يجوز تطبيقه على تلاميذ الصفوف السابقة إذا كان مستواهم مرتفعا، فالمعوِّل في ذلك كله على مستوى الفصل، أو مستوى التلميذ.
طريقة تدريسه:
هي طريقة تدريس الإملاء المنقول، إلا أنه بعد الانتهاء من القراءة، ومناقشة المعنى، وتهجي الكلمات الصعبة ونظائرها، تحجب القطعة عن التلاميذ، ثم تملى عليهم.
مزاياه:
١- أنه خطوة تقدمية في معاناة التلميذ الصعوبات الإملائية، والتهيؤ لها.
٢- أنه يحمل التلميذ على دقة الملاحظة، وجودة الانتباه، والبراعة في أن يختزن في ذهنه الصور الكتابية الصحيحة، للكلمات الصعبة، أو الجديدة.
٣- أن فيه شحذا للذاكرة، وتدريبا جديا، على إعمال الفكر؛ للربط بين النطق والرسم الإملائي.
ج- الإملاء الاستماعي:
ومعناه أن يستمع التلاميذ إلى القطعة، يقرؤها المدرس، وبعد مناقشتهم
1 / 17
في معناها، وتهجي كلمات مشابهة لما فيها من الكلمات الصعبة، تملى عليهم، وهذا النوع من الإملاء يلائم تلاميذ الصفين الخامس والسادس من المرحلة الابتدائية وكذلك تلاميذ المرحلة الإعدادية، وطلبة دور المعلمين والمعلمات.
طريقة تدريسه:
يسير المدرس على حسب الخطوات الآتية:
١- التمهيد: باتباع الطرق المتبعة في التمهيد لدرس المطالعة، وهو يقوم على عرض النماذج والصور، وطرح الأسئلة، وخلق مجال للحديث والمناقشة.
٢- قراءة المدرس القطعة؛ ليلم التلاميذ بفكرتها العامة.
٣- مناقشة المعنى العام ببعض الأسئلة، يلقيها المدرس على التلاميذ، لاختبار مدى فهمهم لما استمعوا إليه.
٤- تهجي كلمات مشابهة للمفردات الصعبة التي في القطعة، وكتابة بعضها على السبورة، بإملاء التلاميذ، وينبغي أن تعرض هذه الكلمات المشابهة في جمل كاملة؛ حتى يكون كل عمل في الطريقة ذا أثر لغوي مفيد للتلاميذ.
فمثلا إذا كانت الكلمة الصعبة في القطعة هي كلمة صحائف لا يطلب المدرس من التلاميذ تهجي هذه الكلمة نفسها، ولكن يطلب إليهم تهجي كلمتين تشبهانها مثل: رسائل، وعجائب، والطريقة أن يقول مثلا: أتتني رسائل كثيرة في أيام العيد، من منكم يتهجى كلمة رسائل؟ وبعد أن يسمع الهجاء الصحيح، يكتب هذه الكلمة على السبورة، بإملاء أحد التلاميذ، ثم يكلف تلميذا آخر قراءتها، ثم يقول مثلا: الأهرام من عجائب الدنيا، من منكم يتهجى كلمة عجائب ويكتفى بسماع الهجاء الصحيح لهذه الكلمة، ولا داعي إلى تسجيلها على السبورة.
1 / 18
ومن فوائد هذه الطريقة أنها تدرب التلاميذ على أسلوب الاستنباط، الذي تستخلص فيه قاعدة عامة من أمثلة متشابهة، وهو أسلوب تربوي مطلوب في مواقف تعليمية كثيرة.
٥- إخراج التلاميذ الكراسات وأدوات الكتابة، وكتابة التاريخ، ورقم الموضوع، وفي أثناء ذلك يمحو المدرس الكلمات التي على السبورة.
٦- قراءة المدرس القطعة مرة ثانية؛ ليتهيأ التلاميذ للكتابة، وليحاولوا إدراك
المشابهة بين الكلمات الصعبة التي يسمعونها، والكلمات المماثلة لها، مما كان مدونا على السبورة.
٧- إملاء القطعة: ويراعى في الإملاء ما يأتي:
أ- تقسيم القطعة وحدات مناسبة للتلاميذ طولا وقصرًا، مع ملاحظة أن الجار والمجرور كأنهما شيء واحد، وكذلك المضاف والمضاف إليه.
ب- إملاء الوحدة مرة واحدة، لحمل التلاميذ على حسن الإصغاء، وجودة الانتباه.
ج- استخدام علامات الترقيم في الكتابة.
د- مراعاة الجلسة الصحية.
٨- قراءة المدرس القطعة مرة ثالثة لتدارك الأخطاء والنقص.
٩- جمع الكراسات بطريقة منظمة هادئة.
١٠- شغل باقي الحصة بعمل آخر، مثل تحسين الخط، أو مناقشة معنى القطعة على مستوى أرقى، أو تهجي الكلمات الصعبة التي وردت في القطعة، أو شرح بعض القواعد الإملائية المتصلة بالقطعة، بطريقة سهلة مقبولة.
1 / 19
د- الإملاء الاختباري:
والغرض منه تقدير مستوى التلميذ، وقياس قدرته ومدى تقدمه؛ ولهذا تملى عليه القطعة بعد استماعه إليها، وفهمها، دون مساعدة له في الهجاء، ولهذا النوع من الإملاء، يتبع مع التلاميذ في جميع الفرق؛ لتحقيق الغرض الذي ذكرناه ولكن ينبغي أن يكون على فترات معقولة؛ حتى تتسع الفرص للتدريب والتعليم.
طريقة تدريسه:
هي طريقة تدريس الإملاء الاستماعي، مع حذف مرحلة الهجاء.
أساليب التدريب الفردي
تتبع الطرق السابقة في التدريب الجمعي، الذي يشمل جميع تلاميذ الفصل، ويحسن أن يسير بجانب هذا التدريب الجمعي تدريب فردي للتلاميذ الضعاف والمبطئين في الكتابة، أو الذين تكثر أخطاؤهم في كلمات معينة، وهؤلاء جميعًا يحسن أخذهم بأنواع من التدريبات الفردية؛ لعلاج ضعفهم، ومن طرق هذه التدريبات:
١- طريقة الجمع:
وأساسها غريزة الجمع والاقتناء، وطريقتها تكليف التلميذ أن يجمع من كتاب القراءة أو غيره كلمات ذات نظام معين، ويكتبها في بطاقات خاصة، مثل: كلمات تكتب بلامين، أو كلمات تنتهي بتاء مربوطة، أو تاء مفتوحة، أو كلمات ينطق آخرها ألفا ولكنها تكتب ياء، أو كلمات لامها شمسية، وكلمات لامها قمرية.....وهكذا.
1 / 20
٢- البطاقات الهجائية:
وهي من وسائل التدريب الفردي، وطريقتها أن تعد بطاقات يكتب في كل منها مجموعة كبيرة من الكلمات التي تخضع كلها لقاعدة إملائية معينة، مثل: بطاقات تشتمل على كلمات تنتهي بهمزة تكتب على السطر، أو على ألف، أو واو، أو ياء، وكلمات تتوسطها همزة على ألف أو واو، أو ياء، وكلمات تنتهي بألف تكتب ياء، وهكذا حتى تستوفي هذه البطاقات القواعد المشهورة في الهجاء.
فإذا أخطأ التلميذ في رسم كلمة في أي عمل كتابي، أعطاه المدرس البطاقة التي تعالج هذا الخطأ؛ ليدرب على كتابة الكلمات التي بها.
ومن أنواع البطاقات الهجائية كذلك، بطاقات تشتمل كل منها على قصة قصيرة، أو موضوع طريف، تحذف منه بعض الكلمات، ويترك مكانها خاليا، على أن توضع هذه الكلمات في أعلى القصة أو الموضوع، وعلى أن تكون هذه الكلمات
ذات صعوبة إملائية، وعلى التلميذ أن يقرأ القصة، ويستكملها بوضع الكلمات المناسبة في الأماكن الخالية، حين ينقل القصة في كراسته.
هذا، ودرس الإملاء فرصة طيبة، يتبين فيها المدرس ما بين التلاميذ من فروق فردية، فيتخذ لعلاج كل منهم الطريقة التي تلائمه، ومن ذلك ما اتبعه بعض المدرسين النابهين في المدارس الابتدائية القديمة.
١- كتابة إحدى الكلمات التي يخطئ فيها أكثر التلاميذ، في ورقة كبيرة بخط كبير، وتعليقها أمام التلاميذ فوق السبورة أسبوعًا، ثم تغييرها بكلمة أخرى في الأسبوع التالي.....وهكذا، ولاشك أن كل تلميذ سيقع نظره مرات كثيرة على هذه الكلمة، وهذا كفيل بانطباع صورتها الصحيحة في ذهنه، فلا يخطئ في كتابتها بعد ذلك.
1 / 21
٢- كتابة كلمة يخطئ فيها أحد التلاميذ وتثبيتها أمامه في زاوية من سطح الدرج، ثم تغييرها بكلمة أخرى، بعد فترة من الزمن.
٣- في أثناء إملاء المدرس للقطعة حينما تعرض كلمة، يعلم المدرس أن تلميذًا معينا تعود الخطأ في كتابتها وفي نظائرها، ينادي المدرس اسم هذا التلميذ، فيكون هذا تنبيها له....وهكذا.
أسباب الخطأ الإملائي
نذكر فيما يلي بعض هذه الأسباب، فلعل معرفتها ودراستها تهدي المدرسين إلى أنجح الطرق التي ينبغي اتباعها للنهوض بالتلاميذ، وبالتأمل نلاحظ أن من هذه الأسباب ما يرجع إلى التلميذ، ومنها ما يرجع إلى قطعة الإملاء، ومنها ما يرجع إلى المدرس نفسه:
١- فمما يعود إلى التلميذ: ضعف مستواه، أو قلة مواظبته على الذهاب إلى المدرسة، أو ضآلة حظه من الذكاء، أو شرود فكره، وعدم قدرته على حصر ذهنه، وإرهاف سمعه حين الإملاء، وقد يكون تردد التلميذ وخوفه وارتباكه من عوامل ضعفه في الكتابة، وكثرة أخطائه، وقد يكون ضعف بصره،
أو ضعف سمعه، من أسباب تخلفه في الإملاء، إلى غير ذلك من الأسباب التي تعوق تقدم التلميذ.
٢- ومما يعود إلى قطعة الإملاء: أن تكون أعلى من مستوى التلاميذ فكرة أو أسلوبًا، أو تكثر فيها الكلمات الصعبة، أو الكلمات التي تشذ في رسمها عن القاعدة الأصلية المقررة، أو تكون القطعة أطول مما يجب، فيضطر المملي إلى العجلة والإسراع في النطق.
1 / 22