ذكره القاضي وغيره» (^١).
وجواب هذه الشبهة أن يقال:
إن ما حصل من نزاع عند بعض العلماء المتأخرين في نوع العقد بين الحاكم والمحكوم هل هو عقد وكالة أم ولاية؟ لا يعتد به لسببين:
السبب الأول: أنَّ هذا لم يُعرف عند العلماء الأولين، ولم يُلزموا أنفسَهُم بمثلِ هذا؛ ومذهبهم أسلم وأعلم وأحكم. وكل قول في الدين محدثٌ فلا يلتفت إليه.
السبب الثاني: أنه يرِدُ على القول بالوكالة إيراداتٌ مخالفة لإجماع أهل السُّنة؛ وكذلك على القول بالولاية:
أما القول بالوكالة فيلزم عليه أنه يصحَّ للرعية أن يعزلوا الوالي، لأنه يصحُّ للوكيل أن يعزل الموكل، وهذا اللازم باطلٌ؛ لإجماعِ أهل السُّنة على بطلانه - كما سبق - (^٢)، فإذا بطلَ اللازم بطل الملزوم؛ فيبطلُ القول بعقد الوكالة.
أما القول بالولاية فيلزم عليه: أنه لا يصحُّ للحاكم عزلُ نفسه، والأدلة دلت على صحَّة عزل الحاكم لنفسه، كما فعل هذا الحسن بن علي ﵄ بل ويرِدُ عليه أنه لو أفسدَ في الولاية وساء تصرُّفه جازَ نزعُه وخلعُه من الرعية الذين ولَّوه، وهذا اللازم باطلٌ؛ لإجماع أهل السُّنة على بطلانه - كما سبق - (^٣)، فإذا بطلَ اللازم بطل الملزوم، فيبطلُ القولُ بعقد الولاية.
(^١) القواعد لابن رجب (ص: ١١٣).
(^٢) سبق (ص: ٤٤).
(^٣) سبق (ص: ٤٤)، ومن ذلك الإجماع على الصبر على جور وظلم الحاكم المسلم (ص: ٣٩).