يضع يوحنا على لسان يسوع قبل أن يسلم الروح قوله: «تم كل شيء» بدلا من: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني» عند مرقس ومتى، و: «يا أبتاه في يديك أستودع روحي» عند لوقا. (7)
ينفرد يوحنا بذكر قيام الجنود بكسر سيقان المصلوبين من أجل التعجيل بموتهم . وهو خبر واقعي إلى أبعد الحدود، ويصف إجراء كان متبعا في عمليات الصلب الرومانية، الغرض منه تقصير مدة بقاء المحكومين على الصليب. بهذه الطريقة كان ثقل الجسم كله يقع على الذراعين اللذين يضغطان بشدة على الرئتين، فيغدو التنفس أكثر صعوبة ومستحيلا بعد وقت قصير. وقد تم العثور في منطقة القدس على ضريح شاب مات مصلوبا، وعلى ذراعيه وقدميه آثار المسامير، وكانت عظام ساقيه مكسورة.
ولكن المؤلف يستثني يسوع من عملية الكسر لأن الجنود لما وصلوا إليه وجدوه قد مات. وهنا تتحقق نبوءة الكتاب القائل: «عظم لا يكسر منه»، والتي وردت في سفر المزامير بالصيغة التالية: «كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب. يحفظ جميع عظامه، وواحد منها لا ينكسر» (المزمور، 34: 19).
وبعد ذلك ينفرد يوحنا أيضا بخبر طعن يسوع بحربة في جنبه تحقيقا للنبوءة القائلة: «سينظرون إلى الذي طعنوه»، والواردة في سفر زكريا بالصيغة التالية: «فينظرون إلى الذي طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره» (زكريا، 12: 10). (8)
لا يقوم اللصان المصلوبان مع يسوع بتعييره كما هو وارد عند مرقس ومتى، ولا يجري يسوع مع أحدهما حوارا كما هو وارد عند لوقا. (9)
في الروايات الإزائية يقوم يوسف الرامي وحده باستلام جثمان يسوع ودفنه، أما في رواية يوحنا فيساعده في عملية الدفن شخص يدعى نيقوديمس، وهو عضو في مجلس السنهدرين جاء إلى يسوع في زيارته الأولى إلى أورشليم ليلا وتحاور معه (يوحنا، 3: 1-10). ويبدو أنه آمن به سرا، لأنه دافع عنه أمام زملائه في المجلس عندما كانوا يتآمرون ضده (يوحنا، 7: 50-53).
ومن الملفت للنظر أن يوحنا لا يعطينا أي معلومات عن يوسف الرامي سوى اسمه، بينما قال مرقس إنه «عضو وجيه في المجلس، وكان من الذين ينتظرون ملكوت الله»، وقال متى إنه «غني من الرامة قد تتلمذ ليسوع»، وقال لوقا إنه «عضو في المجلس وهو رجل صالح بار لم يوافقهم على خطئهم ولا أعمالهم. وكان من الرامة»، وهذه الصفات تنطبق في رواية يوحنا على نيقوديمس الذي كان عضوا في المجلس ودافع عن يسوع أمامه، وكان تلميذا سريا له يزوره ليلا لكيلا ينكشف أمره. فمن هو إذن يوسف الرامي؟ وكيف ظهر فجأة في مشهد الصلب ثم اختفى بعد ذلك بالسرعة التي ظهر بها؟ (10)
لا يترافق صلب يسوع وموته مع حدوث ظواهر فوق طبيعانية؛ فلا الشمس احتجبت، ولا الظلام انتشر على الأرض مدة ثلاث ساعات، على ما ورد في الروايات الإزائية، ولم تتزلزل الأرض وتتصدع الصخور وتنفتح القبور على ما ورد في رواية لوقا. (11)
لا يذكر لنا يوحنا ساعة موت يسوع على الرغم من أنه حدد ساعة الصلب بالسادسة (12 ظهرا). ولكي نتوصل إلى نتيجة بخصوص المدة التي قضاها يسوع على الصليب، علينا أن نلقي نظرة مقارنة على الروايات الأربع:
ساعة الصلب
ناپیژندل شوی مخ