لقد زودنا كل من الإنجيليين الأربعة بفاتحة لكتابه. وبينما اختار مرقس أن يبدأ إنجيله بفاتحة تاريخية تتعلق بالظهور الأول ليسوع عندما جاء للاعتماد على يد يوحنا المعمدان، فإن متى ولوقا اختارا فاتحة ملحمية تتعلق بالميلاد الإعجازي ليسوع وطفولته المبكرة. أما يوحنا فإنه يحلق بنا في فاتحته إلى السماوات العلا لنواجه «الكلمة» (أو اللوغوس باليونانية) التي كانت عند الله منذ البدء، والتي كانت وسيلته لخلق العالم قبل أن تتحد في رحم مريم بجسد يسوع المسيح. وهي التي جلبت معها إلى العالم النور والنعمة والحق. وعلى الرغم من أن «اللوغوس» في اللغة اليونانية يعني «الكلمة» إلا أنه بالمعنى الفلسفي يعني «العقل» بالمفهوم الكوني الكلي. وبما أن الكلام عند الإنسان ينقسم إلى نوعين، نوع نفسي هو عبارة عن تصورات ذهنية لا يجري التعبير عنها في الخارج بأصوات، ونوع خارجي يعبر عنه في الخارج باللفظ والصوت، كذلك الحال فيما يتعلق بكلام الله الذي ينقسم إلى كلام نفسي هو اللوغوس باعتباره صفة من صفات الله، وكلام خارجي هو اللوغوس باعتباره الصورة المعقولة التي هي نموذج للأشياء. وعلى هذا يكون الله وكلامه شيئا واحدا ، وهنالك وحدة في الهوية بين الطرفين على ما يبدو من استقلالهما. وعلى حد تعبير يوحنا:
في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله.
هذا في البدء كان عند الله.
به كان كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان.
فيه كانت الحياة، والحياة نور الناس.
والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لا تقوى عليه.
كان إنسان مرسل من لدن الله اسمه يوحنا (المعمدان).
هذا جاء شاهدا ليشهد للنور لكي يؤمن على يده جميع الناس.
لم يكن هو النور بل ليشهد للنور.
النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان كان آتيا إلى العالم.
ناپیژندل شوی مخ