249

لكنه غضب من إصرار أبي ، وأعلن أنه لن يصبر عليه بعد اليوم ! وما أنا بصابر.. وما أنا بصابر.. فهل كان عمر يفكر بحبس شيخ القراء المشهود له من النبي صلى الله عليه وآله ؟ كلا ، بل قرر أن يمنعه من تعليم القرآن وتصحيح قراءة الناس بالوسيلة العمرية المفضلة ، وهي السوط على رأس ووجه أكبر شيبة في الأنصار ، وأكبر حفظة القرآن بشهادة الخليفة ! على باب مسجد النبي صلى الله عليه وآله أو داخل المسجد ، على مرأى جماعته ومسمعهم !

وهكذا نفذ خليفة النبي وصية النبي صلى الله عليه وآله معكوسة تماما ، كما نفذ وصية النبي بآله وعترته صلى الله عليه وآله !!

وقد أغفلت الصحاح الستة قصة ضرب عمر لأبي بن كعب ، لكن روتها مصادر أخرى موثوقة عندهم وتفاوتت في ذكر السبب.. والذي يظهر من رواية الراغب في محاضرات الأدباء:1/133 أن السبب هو خروج عدد من تلاميذ أبي ومحبيه معه من المسجد ومشيهم معه في الطريق! قال الراغب:(ونظر عمر إلى أبي بن كعب وقد تبعه قوم ، فعلاه بالدرة وقال: إنها فتنة للمتبوع ومذلة للتابع ) .

ولكن الدارمي وعمر بن شبة صرحا بأن السبب أن أبيا خالف أمر الخليفة بعدم تحديث الناس عن النبي صلى الله عليه وآله ! قال الدارمي:1/132: (عن سليمان بن حنظلة قال: أتينا أبي بن كعب لنحدث إليه ، فلما قام قمنا ونحن نمشي خلفه فرهقنا عمر فتبعه فضربه عمر بالدرة! قال فاتقاه بذراعيه فقال يا أمير المؤمنين ما تصنع؟!! قال: أو ما ترى ؟ فتنة للمتبوع مذلة للتابع ! ) انتهى .

مخ ۲۵۱