الف ليله وليله په ادب کې
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
ژانرونه
حكاية إبراهيم وجميلة •••
تزخر قصص ألف ليلة وليلة بحكايات الحب والعشق والغرام التي تأخذ أشكالا متنوعة ومختلفة. فهناك قصص الحب العادية البسيطة، وقصص أخرى مطولة ومعقدة، تأخذ أبطالها في رحلات وتقلبات قد تمتد سنوات كثيرة وتغطي بلادا عديدة بل وقارات مختلفة أيضا. ويجد القارئ في كتاب ألف ليلة وليلة - بصورته الكاملة - نماذج لكل أنواع الحب والغرام: الحب العذري الرومانسي (الذي ينتهي إما بالوصال السعيد أو بالبعاد والجنون والموت) - الحب بالسماع أو برؤية رسم المحبوب فحسب - الحب من أول نظرة - الحب الحسي - الإيروسية - الجنس الصريح - الخيانات الزوجية. كما يغطى الجنس في الكتاب بأنواعه المختلفة، كما سيأتي فيما بعد.
وقد ذكرت الباحثة «ميا جيرهارت» أن قصص الحب التي تقوم على السماع بأوصاف المحبوب دون معرفة المحبوب شخصيا هي قصص ذات أصل فارسي. وتعتمد تلك القصص على هيام البطل - وهو عادة ما يكون أميرا أو ابن ملك من الملوك - بفتاة قصية اعتمادا على ما سمعه من أوصافها الجميلة أو إعجابا باسمها أو رسمها، ثم يشرع بعد ذلك في التحايل إلى الوصول إليها، ويخوض مغامرات عجيبة وأهوالا رهيبة تنتهي عادة ببلوغ مراده والفوز بالحبيبة والعيش معها في هناء حتى يأتيهم هادم اللذات ومفرق الجماعات.
والاقتباس الأول من هذا الفصل هو من حكاية أردشير وحياة النفوس. وفيها يعشق أردشير - ابن ملك العراق عبد القادر - حياة النفوس ابنة ملك شيراز، من مجرد سماع أوصافها والتغني بحسنها، رغم أنها كانت كارهة للرجال ولم تقبل الزواج من أي من الملوك والأكاسرة الذين تقدموا إليها. ويرسل أبو أردشير لخطبة حياة النفوس لابنه فترفض كعادتها؛ ويتم كل هذا سماعا فحسب دون لقاء الخطيب والفتاة. ويشرع أردشير في رحلة طويلة وخطة معقدة للوصول إلى حبيبته واستمالتها إليه؛ فيتنكر في ثياب التجار ويصطحب وزير أبيه معه ويتوجهان إلى بلاد الملك عبد القادر أبي الحبيبة حياة النفوس. ويفتتح أردشير هناك «دكانا» فخما مليئا بالسلع الغالية الجذابة. وتأتي له يوما مربية الأميرة حياة النفوس، فيرحب بها ويهديها ما تريد شراءه ويغدق عليها الدنانير الذهبية، ثم يفضي إليها بسره في طلب وصال ابنة الملك، غير أنه يكتم عنها أنه هو الآخر ابن ملك شيراز. وتقوم المربية العجوز بدور الوسيط بين أردشير وحياة النفوس عن طريق رسائل من الشعر الذي يدبجه أردشير ويعبر فيه عن حبه، بينما ردود الأميرة تردعه وتهدده بالعقاب، والعجوز تحاول تليين قلبها إذ هي تقبل هدايا أردشير الثمينة. وبعد طول مرواح ومجيء، يحتال وزير أردشير على الدخول إلى بستان ابنة الملك ويغدق على الحارس حتى يسمح له بترميم القصر والجدار الذي يحيط بالبستان. ونعرف أن حياة النفوس تعاني من عقدة نفسية بسبب حلم رأته أقنعها بغدر الرجال وخيانتهم، فيحتال الوزير برسم مناظر ومشاهد على جدار البستان تخلص الأميرة من هذه العقدة. وسيأتي ذكر ذلك تفصيليا في الفصل الخاص بالحكاية السيكلوجية في هذا الكتاب. ونكتفي هنا بذكر لقاء أردشير وحياة النفوس آخر الأمر بالبستان، وهيام الواحد منهما بالآخر. ولكن الوشاة يتدخلون لدى الملك عبد القادر فيغضب على ابنته وحبيبها ويأمر بقتلهما. وقبل التنفيذ، يصل والد أردشير بحثا عن ابنه ومعه جيش جرار، وينتهي الأمر بالعفو عن الحبيبين بعد أن يعلم الجميع أن أردشير ابن ملك هو الآخر، ويتزوجان ويعيشان في سعادة وهناء. وكالعادة في قصص ألف ليلة وليلة، تقول شهرزاد عنهما: «وأقاموا في ألذ عيش وأهناه، وأرغده وأحلاه، إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب القصور ومعمر القبور.»
وهناك أيضا مثال آخر للعشق عن طريق السماع في حكاية «جلنار وبدر باسم»، حين يسمع الملك بدر خاله «صالح» يتحدث عن جلنار ابنة ملك البحار ويصف محاسنها لأخته التي هي خالة بدر، فعندها «صار في قلبه من أجلها لهيب النار وغرق في بحر لا يدرك له ساحل ولا قرار.» ويعترف بدر لخاله أنه سمعه يتحدث بأوصاف جلنار وأنه عشقها على السماع.
والاقتباس الثاني عاليه من حكاية تماثل الأولى في منشأ الحب والهيام، وإن كان في هذه المرة مرئيا برسم للمحبوبة وليس سماعا بأوصافها، وترد في حكاية سيف الملوك وبديعة الجمال. وما يهمنا من تلك القصة هنا أن أحد ملوك مصر ويدعى عاصم بن صفوان، وله وزير يدعى فارس بن صالح، وكانا بدون ذرية، مما كان يسبب هما كبيرا للملك. وسمعا عن شيخ صالح قادر على فعل المعجزات، فبعث له الملك بواسطة الوزير بهدية عظيمة، طالبا عونه في سؤال الرب أن ينعم عليه وعلى وزيره بذرية ترث الملك والوزارة من بعدهما. ويقول الشيخ الصالح للوزير إنه والملك لن يبلغا مرادهما حتى يؤمنا وقومهما بالله الواحد القهار ويخلصوا له العبادة، ومنحه سيفا وخاتما وبقجة فيها رداءان مرصعان بالجواهر، وقال للوزير أن يعطي لابن الملك وابنه - المنتظرين - تلك الهدايا عندما يكبران. وبالفعل، ينجب الملك والوزير ابنا لكل منهما، بعد أن فعلا ما نصح به الشيخ. ويكبر الولدان في ظل محبة أبيهما، ويصبحان من ألصق الأصدقاء. وحين يبلغان مبلغ الشباب، يأخذ سيف الملوك الخاتم والبقجة ويأخذ ابن الوزير «ساعد» السيف. وحين يفتح سيف الملوك البقجة، يجد فيها قباء من صنع الجان، ويفتح القباء ويفرده فيجد في بطانته صورة بنت منقوشة بالذهب، ولكن جمالها شيء عجيب. «فلما رأى هذه الصورة، طار عقله من رأسه وصار مجنونا بعشق تلك الصورة ووقع على الأرض مغشيا عليه، وصار يبكي وينتحب ويلطم على وجهه وصدره ويقبلها.»
وتمثل هذه القصة نموذجا فريدا في العشق من النظر، وهو صورة من صور الحب الذي أفرخ بعد ذلك نماذج متنوعة من صور الحب الرومانسي بأشكاله المتعددة في كل العصور.
ثم هناك قصص الحب العذري الواقعي، حيث يعرف الحبيب محبوبه ويلاقيه، ولكنه يصادف العقبات التي لا يمكن تذليلها، فينتهي نهاية فاجعة بموت أحد الحبيبين أو كليهما عشقا. ورغم قولنا عن هذا الحب إنه عذري، فمن الملاحظ أن الحبيب يسعى دائما إلى وصال محبوبه، ولا يكتفي بمجرد النظر والتفكير. ومعظم تلك الحكايات مبنية على قصص حقيقية، كعشق قيس بن الملوح ابنة عمه ليلى العامرية، وحب جميل لبثينة. ولكن ألف ليلة لا تحكي عن قيس وجميل، ربما لأن قصتيهما كانتا ذائعتين معروفتين للجميع، ولكن حكايات ألف ليلة الغرامية تتناول قصصا أقل شهرة، وإن كان لبعضها أصل تاريخي أيضا، مثل حكايات عدي بن زيد، والمتلمس، والخليفتين معاوية وعبد الملك بن مروان. وهناك حكايات مؤثرة عن الحب العذري وإن لم يكن لها أصل تاريخي، مثل «عاشقان من بني عذرة» و«طيء» و«عتبة وريا». وهناك حكاية العاشق المتيم (الليلة 348) التي نثبتها هنا لقصرها ودلالتها: «ومما يحكى أنه كان في بني عذرة رجل ظريف وكان لا يخلو من العشق يوما واحدا. فاتفق له أن أحب امرأة جميلة من الحي، فراسلها أياما وهي لا تزال تجفوه وتصد عنه إلى أن أضر به الغرام والوجد والهيام، فمرض مرضا شديدا ولزم الوساد وجفا الرقاد وظهر للناس أمره واشتهر بالعشق ذكره .. وازداد سقمه وعظم ألمه حتى كاد أن يموت. ولم يزل أهله وأهلها يسألونها أن تزوره وهي تأبى إلى أن أشرف على الموت فأخبروها بذلك، فرقت له وأنعمت عليه بالزيارة. فلما نظرها تحدرت عيناه بالدموع وأنشد عن قلب مصدوع:
بعيشك إن مرت عليك جنازتي
وقد رفعت من فوق أعناق أربع
ناپیژندل شوی مخ