الف ليله وليله په ادب کې
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
ژانرونه
FONS VITAE «نبع الحياة» مترجما عن اللغة العربية إلى اللاتينية والذي كان ذائعا وسط الدارسين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. ورغم أنه كان يهودي الديانة، فقد كان عربي الثقافة، وكان يكتب بسهولة باللغتين اللاتينية والعربية لدرجة أن أحدا لم يكتشف أن مؤلف ذلك الكتاب، الذي كان معروفا باللاتينية تحت اسم
AVICEBRON
هو ذاته ابن جبيرول إلا عام 1846م، بعد أن كان يظن أنه كاتب عربي مسلم. والحقيقة أن ذلك لا يغير من الأمر شيئا؛ فاللغة هي الأساس الثقافي الذي يبين في كتابات المرء، بغض النظر عن الديانة أو القومية.
وفي عصر إسبانيا المغاربية، وهو الاسم الذي يطلقه المؤرخون على عصور المرابطين والموحدين في إسبانيا، شهدت البلاد تقدما في حركة الاسترداد المسيحي، وواكب ذلك تسارع بالجملة في ترجمة الكتب العربية إلى اللاتينية. وفي عصر المرابطين (1090-1146م)، نبغ ابن باجة في مؤلفاته التي ناقش فيها أفلاطون وأرسطو، وترجمت مؤلفاته إلى اللاتينية وأصبحت مادة للدرس في أوروبا الغربية، جنبا إلى جنب مع كتابه «تدبير المتوحد» الذي انتقد فيه مادية عصره وفساده. وفي الأدب، ألف ابن قزمان أزجاله التي ابتدع نمطها وخالف بها النمط الشعري السائد في المشرق العربي وقتها، وتناقلها الناس في الأندلس حتى وصلت إلى التروبادوريين. ونبغ في القصص الفلسفي ابن طفيل، الذي كتب «حي بن يقظان» التي صور فيها إمكانية التوصل إلى العقيدة الإلهية والتجلي الصوفي من داخل النفس على نحو طبيعي. وتذكر «لاساتر» أن مخطوطة عربية لهذا الكتاب اكتشفت في المغرب بعد كتابته بخمسة قرون وانتقلت إلى انجلترا حيث ترجمه إلى اللاتينية إدوارد بوكوك عام 1671م. وقد صدرت ثلاث ترجمات للكتاب إلى الإنجليزية في الأعوام 1674م و1686م و1708م. وقد رحب أتباع مذهب الكويكرز بالكتاب إذ رأوا فيه تأكيدا لمذهبهم في عقيدة النور الداخلي؛ كما أن قصة الشاب الذي يعيش مستقلا في جزيرة مهجورة ويزدهر فيها، قد ألهمت دانييل ديفو - ضمن أعمال أخرى - روايته روبنسون كروزو التي كتبها بعد عشرة أعوام فقط من صدور الترجمة الإنجليزية الأخيرة لحي بن يقظان.
وفي عصر الموحدين، ألف ابن رشد كتبه في التوفيق بين الفلسفة اليونانية والعقائد الإيمانية، مما ضمن لها انتشارا واسعا في العالم الغربي، وأثرت في أفكار توماس الأقويني الذي سار على نفس نهج الفيلسوف العربي. وتعلم الدارسون الأوروبيون من المجادلات الفلسفية والصوفية التي نشأت بين ابن رشد والغزالي. كما كانت كتب الغزالي معروفة لدى الأوروبيين، وأثرت مؤلفاته عن التصوف - جنبا إلى جنب مع الصوفي الأندلسي الأشهر ابن عربي - في متصوفة المسيحية الكبار. وفي مجال الشعر، جمع ابن سعيد الأندلسي مختارات ثمينة من أعمال شعراء عصره ساعدت في تتبع موضوعات الشعر العربي الأندلسي منذ نشأته.
ومع تسارع حركة الاسترداد الإسباني، اكتشف العالم اللاتيني ثروة المخطوطات العربية التي وجدت في المدن المفتوحة وشرعوا في ترجمتها، خاصة في طليطلة، ثم في مرسية وإشبيلية. فبعد أن استولى ألفونسو السادس على طليطلة عام 1085م أصبحت مركزا أساسيا لترجمة الكتب والوثائق العربية إلى اللاتينية، كما تحولت في الوقت نفسه إلى عاصمة للعلم والثقافة يؤمها الدارسون من إيطاليا والإمبراطورية الرومانية المقدسة وفرنسا وإنجلترا. وبعد سقوط قرطبة وإشبيلية في يد فرناندو الثالث في 1236م و1248م، على التوالي، انحصر الحكم الإسلامي العربي في مملكة غرناطة في الجنوب، واستمرت قائمة لمدة قرنين ونصف من الزمان.
وتشبه حركة الترجمة الواسعة النطاق التي بدأت في إسبانيا وصقلية في القرن الثاني عشر، حركة الترجمة التي نشأت في بغداد في منتصف القرن التاسع في عهد الخليفة المأمون في «بيت الحكمة». وفي حين كان الهدف من الحركة البغدادية هو ترجمة الكتب اليونانية والفارسية والهندية إلى العربية والتعليق عليها والزيادة فيها، هدفت مدرسة طليطلة إلى ترجمة تلك الكتب العربية إلى اللاتينية. وكما استعان العرب أحيانا بالتراجمة الوسطاء، أي بالمسيحيين النسطوريين لترجمة اللغة الإغريقية إلى السريانية ومنها إلى العربية، استعان الإسبان في بعض الأحيان باليهود الذين كانوا يقيمون بين ظهراني العرب والمسلمين لترجمة المؤلفات العربية إلى اللغة الرومانسية المحكية (وهي التي أصبحت اللغة الإسبانية بعد ذلك)، ومنها إلى اللاتينية.
ومن بين المترجمين الذين عملوا بنشاط في شمال إسبانيا، يبرز روبرت الكيتوني، نسبة إلى مدينة كيتون، وهو إنجليزي عاش حوالي الأعوام 1110-1160م. وكان مركز اهتمامه علوم الكيمياء والجبر التي ترجم فيها الكثير من المؤلفات. وفي عام 1143م، كلفه بطرس الوقور، رئيس دير كلوني المشهور، بترجمة القرآن من العربية إلى اللاتينية، بالاشتراك مع هرمان الدلماسي. وتعتبر هذه الترجمة أول نقل للقرآن الكريم إلى لغة أوروبية، وتبرهن على أن الترجمة من العربية لم تقتصر على العلوم الأساسية كالهندسة والطب والفلك والنباتات وغيرها، بل شملت العلوم الفقهية والأدبية أيضا. وتدل ترجمة القرآن منذ تلك الفترة المبكرة على المصدر الذي تسللت منه الموضوعات والقصص الإسلامية إلى أوروبا ومنها إنجلترا، نظرا إلى جنسية المترجم. ومن المترجمين المشهورين الآخرين في علوم الفلك والنجوم يوحنا الإشبيلي، وهو يهودي متنصر عمل في طليطلة وإشبيلية، وقدم علماء الفلك المسلمين إلى العالم اللاتيني، ومنه استقى دانتي أسماء هؤلاء - ومنهم الفرغاني - في ملحمته الكوميديا الإلهية.
وقد أدت ثروة المعلومات التي نتجت عن ترجمة العلوم والآداب العربية في أقطار العالم الأوروبي - سواء باللاتينية أو اللغات المحلية التي كانت قد بدأت في التفرع منها - إلى نشوء ما أصبح يطلق عليه «نهضة القرن الثاني عشر». وقد أدت تلك النهضة إلى الإسراع في نشوء الجامعات الأوروبية في باريس ومونبلييه وسالرنو وبولونيا، وأبرزت المفكرين الاسكولائيين مثل ألبرتوس ماجنوس وتوماس الأقويني، الذين كانوا يوفقون بين الفكر والفلسفة اليونانية والتجريب العلمي وبين اللاهوت المسيحي. وقد لعب دير كلوني، الذي أشرنا إليه قبلا، دورا كبيرا في نشر الثقافة والعلم. فبالإضافة إلى ترجمة القرآن والآثار النبوية الإسلامية، بهدف التعريف بها والرد عليها، أشرف الدير على حركة الحج إلى ضريح القديس سنتياجو في بلدة كومبوستيلا في شمال إسبانيا، وهو القديس الذي يفترض أنه قد أدخل المسيحية إلى إسبانيا. وقامت في نفس الفترة رواية أخرى حول ضريح جوزيف الأريماثي (الرامي) الذي يفترض أنه وفد إلى إنجلترا مع الكأس والحربة المقدسين وأدخل المسيحية إلى إنجلترا، وله ضريح يزوره الحجاج في «جلاستونبيري آبى». وفي فترة من الفترات التاريخية الأولى، اختلطت شخصية القديس سنتياجو (جيمس) بجيمس أخي المسيح وأول رئيس لكنيسة أورشليم، مما ألهب حركة الحجيج إلى ضريحه من كل أنحاء العالم المسيحي، وجعلهم يتعرفون على إسبانيا وثقافتها وينقلون ما سمعوه وعرفوه إلى بلادهم بعد عودتهم.
وقد نشأ شعراء التروبادور في تلك الفترة في جنوب فرنسا، وتميز شعرهم بالقافية وبنمط الشعر العذري أو ما يسمى شعر البلاط (وسأسميه مؤقتا الشعر الغزلي)، وهما ظاهرتان كانتا معروفتين منذ زمن في إسبانيا العربية. وكان التروبادور على صلة وثيقة بإسبانيا وتياراتها الثقافية، فقد كان الجنوب الفرنسي في أوقات عديدة جزءا من الشمال الإسباني، وكانت ثمة صلات سياسية - بل وصلات مصاهرة - وثيقة تربط نبلاء بواتييه وتولوز وبورغندي بنبلاء أراغون وقشتالة وقطلونية. وكانت بروفانس نفسها تتبع مملكة أراغون في كثير من الأحيان، إلى أن ضمتها فرنسا إليها نهائيا بعد الحملة الصليبية ضد الألبيجنسيين، وحينها لجأ الكثير من شعراء التروبادور إلى إسبانيا هربا من الاضطهاد. بيد أن أهم الروابط بين التروبادور وإسبانيا هي الروابط اللغوية، فاللغة التي كانوا يستخدمونها في أشعارهم وأغانيهم، البروفانسالية، مرتبطة باللغة القطلونية المستخدمة في شرق إسبانيا. ويرتكز إنكار بعض الباحثين للأثر العربي والإسلامي في الآداب الأوروبية في العصور الوسطى إلى فكرة عدم وجود صلات وروابط فكرية وثقافية بين المسلمين والمسيحيين في ذلك الوقت، وهي فكرة يكفي للدلالة على خطئها النظر إلى كمية الكلمات العربية التي دخلت اللغة الإسبانية ومنها إلى لغات أوروبية أخرى.
ناپیژندل شوی مخ