ظل الملك شهريار يعمل طوال اليوم التالي، وعاد إلى المنزل في الليل إلى شهرزاد. فقالت دينارزاد لأختها: «رجاء يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الجني والتاجر.» فردت شهرزاد: «بكل سرور، أيها الملك السعيد.» •••
بلغني - أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد - أنه عندما رفع الجني سيفه، قال له التاجر متوسلا: «أرجوك دعني أودع أسرتي وزوجتي وأبنائي قبل أن تقتلني.» وسأله الجني: «هل تقسم بالله أنني إذا تركتك تذهب، فسوف تعود بعد سنة من تاريخ هذا اليوم؟» فرد التاجر: «نعم، أقسم بالله.»
وبعد أن أقسم التاجر بذلك، تركه الجني يذهب، فامتطى حصانه ومضى في طريقه، ليصل أخيرا إلى منزله وزوجته وأبنائه. وعندما رآهم، أخذ يبكي بحرقة؛ فسألته زوجته: «ما بك يا زوجي؟ لماذا تشعر بالحزن وجميعنا سعداء ونحتفل بعودتك إلينا؟» فأجاب: «ولماذا لا أحزن وما تبقى لي من العمر سوى سنة واحدة فقط؟» ثم أخبرها بكل شيء حدث مع الجني.
عندما سمعت أسرته ما قاله، أخذوا يبكون، وكان يوما حزينا حيث تجمع جميع الأطفال حول والدهم. قضى التاجر ما تبقى من العام على هذه الحال، ثم صلى لربه وودع أسرته. فتعلق أبناؤه برقبته، وبكت بناته، وناحت زوجته. فقال لهم: «يا أبنائي، هذه مشيئة الله.» ثم انصرف، وامتطى حصانه، وسافر حتى وصل إلى البستان.
جلس التاجر في المكان الذي تناول فيه التمر في انتظار الجني والدموع تملأ عينيه. وأثناء انتظاره، اقترب منه رجل عجوز يقود كلبين مربوطين بحزامين حول عنقيهما، وألقى عليه التحية. فرد عليه التاجر التحية. سأله الرجل العجوز: «لماذا تجلس هنا، يا صاحبي، في هذا المكان الممتلئ بالجن والشياطين؟ فما من شيء في هذا البستان المسكون سوى الحزن والأسى.»
أخبره التاجر بكل ما حدث مع الجني، فاندهش الرجل العجوز من القصة، وقال: «إن وعدك بالرجوع إلى هنا من أفعال الشجعان. والله لن أتركك حتى أرى ما سيحدث مع الجني.» وجلس بعد ذلك بجانبه وتبادلا أطراف الحديث. •••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. ومع طلوع الفجر، قالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأخبركما بما هو أفضل وأكثر إمتاعا.»
الليلة الثالثة
في الليلة التالية، قالت دينارزاد لأختها: «رجاء يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا واحدة من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة التاجر، فأنا أود سماعها.» فأجابت شهرزاد: «كما تشاءان.» •••
بلغني - أيها الملك السعيد - أنه بينما كان التاجر والرجل صاحب الكلبين الأسودين يتحدثان معا، أبصرا فجأة ترابا يتصاعد، وعندما تبدد، شاهدا الجني وهو يقترب منهما ممسكا بسيف فولاذي في يده. ووقف أمامهما دون أن يلقي التحية، وقال للتاجر: «تأهب للموت.» فأخذ التاجر والرجل العجوز في البكاء.
ناپیژندل شوی مخ