الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
خپرندوی
(بدون)
ژانرونه
في مرضاة ربه، ونصرة دينه، ونفع إخوانه، وإن رُزِقَ مالًا أخذه من حله وصرفه في طاعة ربه، فإن من حكمة الله تعالى أن يبتلي عباده، فالموفق منهم هو الذي إذا أُعطي شكر، والمخذول هو الذي إذا أُعطي طغى وكفر، قال تعالى: ﴿كَلَاّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَأَىَهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٦ - ٧].
وقال الله عن نبيه سليمان: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَأَىَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠].
وتوفيق الله لعباده يكون على أحوال كثيرة، فمنها: أن يعرض الخير على أناس فيردونه حتى ييسر الله له من أراد به الخير من عباده، وقد مكث النبي ﷺ أكثر من عشر سنين يعرض نفسه على القبائل لينصروه، فلم يستجيبوا له حتى وفق الله الأنصار لذلك، فنالوا الشرف العظيم في الدنيا والآخرة.
ومنها: أن يوفق الله العبد في آخر حياته لعمل صالح يموت عليه، فيختم الله به أعماله.
روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أنس ﵁ قال: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَاسِهِ فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ، فَأَسْلَمَ. وَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ» وفي رواية: فَلَمَّا مَاتَ، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» (^١).
ومنها أن يُوفق الله العبد لعمل قليل أجره عند الله كثير، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب ﵄ قال: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟
_________
(^١) صحيح البخاري برقم (١٣٥٦)، وأحمد (٣/ ٢٦٠) والرواية له.
1 / 31