الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
خپرندوی
(بدون)
ژانرونه
الثالث: من خالف أمره من أهل الشبهات؛ وهم أهل الأهواء والبدع، فكلهم لهم نصيب من الذل والصغار بحسب مخالفتهم لأوامره، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: ١٥٢].
وأهل البدع والأهواء كلهم مفترون على الله، وبدعتهم تتغلظ بحسب كثرة افترائهم عليه، قال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣].
قال ابن رجب الحنبلي ﵀: «ومن أعظم ما حصل به الذل من مخالفته أمر الرسول ﷺ: ترك ما كان عليه من جهاد أعداء الله، فمن سلك سبيل الرسول ﷺ في الجهاد عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل».
روى أبو داود في سننه من حديث ابن عمر ﵄: أن النبي ﷺ قال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًاّ، لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (^١).
ورأى النبي ﷺ سكة الحرث فقال: «مَا دَخَلَت دَارَ قَومٍ إِلَاّ دَخَلَهَا الذُّلُّ» (^٢)، ... فمن ترك ما كان عليه النبي ﷺ من الجهاد مع قدرته واشتغل عنه بتحصيل الدنيا من وجوهها المباحة، حصل له الذل. فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدنيا من وجوهها المحرمة؟ ! (^٣). اهـ.
قوله: «وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، هذا يدل على أمرين:
(^١) سنن أبي داود برقم (٣٤٦٢). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (٢٩/ ٣٠): إسناده جيد. (^٢) صحيح البخاري برقم (٢٣٢١). (^٣) شرح حديث يتبع الميت ثلاثة ابن رجب الحنبلي
2 / 210