13

الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة

الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة

ژانرونه

فوالله ما نسيت شيئا سمعته منه وأيم الله لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدًا ثم تلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ الآية (١) ". (٢). وأخرج مسلم من حديث أبي أيوب ﵁، أنه قال حين حضرته الوفاة: كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ، يقول: "لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم" (٣). والسبب الرئيس في تأخير تبليغ الحديث هو إما اكتفاءً بغيره من الصحابة ممن روى الحديث أو ربما اجتهادًا من الصحابي أنّ الحديث قد يتخذه بعض الناس ذريعة في تقصيرهم في العبادة، ومن ذلك انّ معاذ بن جبل ﵁ حين حضرته الوفاة قال: اكشفوا عني سجف القبة، أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله ﷺ. وقال مرة: أخبركم بشيء سمعته من رسول الله ﷺ،لم يمنعني ان أحدثكموه إلاّ أنْ تتكلوا سمعته يقول: "من شهد أنْ لا إله إلاّ الله مخلصًا من قلبه أو يقينًا من قلبه لم يدخل النار أو دخل الجنة". وقال مرة:"دخل الجنة ولم تمسه النار " (٤).فالاحتياط والتثبت لا يتعارض مع التبليغ، والصحابة الكرام ﵃ بلّغوا ما سمعوا وأدوا ما يجب عليهم تأديته، ولم يكتموا شيئًا من الدين. المبحث الثالث: ضوابط نقد الرواية عند الصحابة الكرام: من خلال التتبع للأحاديث النبوية نجد أن الصحابة الكرام كانت لهم سبل متعددة يتبعونها من أجل ضبط قبول الرواية أو ردها، وهو ينم عن حرصهم على سنة نبيهم، وحمايتها من الدخلة والمنتحلين، ولاسيما أن الله تعالى تكفل بحفظ الكتاب الكريم، وصار على عاتقهم حماية السنة النبوية، فكانوا أحق بحمل هذه الأمانة وأهلها، فهم خير جيلٍ عرفه التاريخ. ومن هذه الضوابط:

(١) سورة البقرة/١٥٩. (٢) أخرجه أحمد، المسند ٢/ ٢٧٤. (٣) أخرجه مسلم، المسند الصحيح ٤/ ٢٠١٥ (٢٧٤٨). (٤) اخرجه احمد، المسند ٥/ ٢٣٥.

1 / 14