البرټ کامو: لنډه مقدمه

مومن محمود رمضان احمد d. 1450 AH
25

البرټ کامو: لنډه مقدمه

ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

ريو أيضا شخصية محورية؛ لأننا نعرف بنهاية الرواية أنه راوي القصة، في تغير مفاجئ للحبكة يصعب تصديقه (كان ريو هو الراوي طوال الوقت، يقرأ مقتبسات من يوميات تارو). حتى تلك اللحظة كان القارئ موجها إلى الاعتقاد في أن الراوي راو عليم. وعلى الرغم من أنه تغير غير مقنع، فإنه يناسب هدف كامو في تحدي كل السلطات شبه الإلهية في الرواية. بإخباره القارئ أن الراوي كان ريو، يشير كامو إلى موقفه من الراوي العليم، وهو المعادل الروائي للإله العليم بكل شيء الذي يستبدله بشخصية بشرية.

عندما سألته إحدى الشخصيات عن إذا ما كان يؤمن بالإله، يرد ريو أنه إذا آمن بإله مطلق القدرة فسيتوقف عن محاولة علاج مرضاه. ومن ثم فهو لا يتحدى وجود الإله، بل بالأحرى قدرته على التدخل في شئون البشر. ما يهم هو العامل البشري. يقول ريو أيضا إنه لا يستطيع أن يؤمن بإله يسمح بموت الأطفال الأبرياء. يقع هذا الحوار في صميم المغزى الإنساني للرواية.

في رواية «الطاعون»، ريو الذي يستمر في الاعتناء بمرضاه دون أمل في علاجهم يشبه سيزيف: إنها «هزيمة لا تنتهي». يصبح ريو في مواجهة الموت وعبثية الحياة يوميا تجسيدا للإنسان المتمرد. إنه يستمر في القتال لأجل إخوانه من البشر بغض النظر عن هول الظروف أو مدى صعوبة نيل فرصة النجاح. ريو مدفوع بإيمان راسخ في الإنسانية، والتي سينظر لها كامو لاحقا باعتبارها القوة الدافعة لتمرده.

رجل آخر من الرجال الستة هو الأب بانيلو، القس اليسوعي الذي يظهر في بداية الرواية بمعتقدات مطلقة، ويمثل الدين المنظم. يخبر أبناء أبرشيته أن الطاعون عقاب سماوي - «أنتم تستحقونه!» - ويهاجم «العلم البشري العقيم». في النهاية، يصبح الأب بانيلو من خلال التجارب التي عايشها في الطاعون أقل تشددا، ويموت في تطور مثير للمفارقة، ألحقه الطاعون عنوة بصفوف البشر البسطاء.

الشخصية الصالحة التي تشارك كامو العديد من الصفات هي رايمون رامبير، صحفي من فرنسا أتى إلى البلدة المستعمرة ليتقصى ظروف حياة العرب. يحاول رامبير العالق هناك بسبب العزل، يائسا أن يهرب، على مدار جزء كبير من الرواية. ولانشغاله كثيرا بالرجوع إلى زوجته والهروب من وهران إلى باريس، يقرر في النهاية البقاء والمشاركة في مكافحة الوباء. يمثل رايمون أحدث المشاركين في المقاومة. والدافع الأولي لوجوده مهم من حيث إنه ينسى بسرعة بمجرد ظهور الطاعون.

جان تارو هو تجسيد آخر لشخصية المقاوم. يؤسس تارو مجموعة من المتطوعين، ويمثل تجسيدا للمقاومة وللتمرد. وهو الأكثر أخلاقية بين الرجال الستة، مدفوعا في ذلك بأخلاق الإنسانوية. وهو كذا منكر لذاته وشجاع. يموت تارو أيضا بالطاعون؛ الأمر الذي يعود بنا إلى الإحساس بغياب المعنى والإجحاف اللذين يسودان الرواية. لا يوجد جزاء للأفعال الخيرة، سواء كنت متمردا ملحدا أو قسا يسوعيا، لا توجد سلطة عليا رحيمة.

الرجل الخامس هو جوزيف جران، وهو موظف بالبلدية كان يكتب أول عبارة في روايته مرارا وتكرارا في محاولة للوصول إلى الكمال الأدبي، ينضم في النهاية إلى المقاومة وينجو من الطاعون، الأمر الذي يسترجع مرة أخرى وجهة نظر كامو في «أسطورة سيزيف» عن عشوائية الحياة والموت. هنا يلعب الطاعون دور كاليجولا (إذ يعاقب بالموت على نحو تعسفي)، لكن لا يتركز محور القصة حول مصدر اعتباطية الموت، بل حول كيفية استجابة قلة مختارة من البشر تجاهه.

تمثل كل الشخصيات ردود فعل مختلفة خلال فترة الاحتلال. بعد الأبطال (ريو، وتارو، ورايمون، وجران)، ورموز السلطة الدينية (بانيلو)، يتبقى لدينا في النهاية كوتار معبرا عن المتواطئين. كوتار رجل حاول أن ينتحر وأنقذه جران. يشرع كوتار في التربح من الجائحة (حيث يبيع البضائع في السوق السوداء، ويساعد الناس على الرحيل بطرق غير شرعية). وتكتب له النجاة، لكن يلقى القبض عليه في نهاية الرواية. هنا، تنتصر العدالة البشرية في غياب العقاب الإلهي.

وفي المرات القليلة التي يأتي فيها كامو على ذكر الجزائريين في الرواية يكون ذلك لجعلهم جزءا غير مترابط أو خفيا من التدبيج. كذلك لا توجد شخصيات عربية، لا حديثا ولا وصفا، على الرغم من أن وهران بها تعداد سكاني كبير من الجزائريين.

في النهاية لا يوجد تفسير للطاعون، ولا لكيفية ظهوره، أو لماذا توقف عن حصد الأرواح. في الواقع، يختفي الطاعون ببساطة وبلا تفسير، متأهبا للعودة في أي وقت، وذلك حسب تحذيرات الراوي المنذرة بالشر. تحتوي رواية «الطاعون» على العديد من المواضيع الموجودة في «أسطورة سيزيف»، إلى جانب الدعوة إلى التصرف بناء على توجه أخلاقي وإنساني. وكما كتب كامو في يومياته:

ناپیژندل شوی مخ