البرټ کامو: لنډه مقدمه
ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
صاغت تفسيرات أخرى عدم مبالاة ميرسو بوصفها نقدا لتعصب المجتمع نحو من لا يمتثلون له. في رأي سارتر، قلة وعي ميرسو بالقواعد الأخلاقية جعلته يشبه كانديد، وهو نقيض البطل في أشهر الأعمال الأدبية الفلسفية لفولتير. ركز الناقد والفيلسوف رولان بارت (1915-1980) على نقاء الأسلوب في رواية «الغريب»، واعتبره دالا على عدم مبالاة ميرسو.
ومع ذلك، عدم مبالاة ميرسو غير شاملة لكل شيء. فهي تتبع المنطق العبثي في الرواية في أن صديقه الوحيد، رايمون سينتس، يعمل قوادا. وبما أنه رجل عبثي بلا أخلاقيات، فإن عمل رايمون لا يضايق ميرسو. وعندما يضرب سينتس امرأة بهمجية شديدة لدرجة أن صرخاتها استحضرت الشرطة، يدلي ميرسو بشهادة زور ليحمي صديقه. لقد اختفى الحب التلقائي للخير في الشخصية الرئيسية، وهو الأمر المعتاد في الروايات. يبدو أن ميرسو يعيش حياة خالية من الأخلاق.
هناك شيء مشترك بين ميرسو وسينتس، وهو كرههما الشديد للشرطة. بغضهما للشرطة هو تصريح علني بأن المجتمع هو العدو، لكن لا يتضح على الفور أي جزء من المجتمع هو المستهدف. ومن المهم أن نعرف أن الشرطة في سياق الجزائر المستعمرة هي الممثل الممقوت للسلطة الباريسية المركزية، سلطة العاصمة الإمبراطورية. يلتحم ميرسو وسينتس مع هويتهما باعتبارهما من الأقدام السوداء: لا يكترثان لحياة العرب، ويمتعضان بشدة من فرنسا الأم.
يتجسد الاتحاد ضد العرب في العديد من أحداث الرواية، وإن لم يكن هذا بوضوح كبير في قتل ميرسو للشاب العربي. يقع هذا الحدث على الشاطئ في الجزائر العاصمة. فبعد مشاجرة بين ميرسو وسينتس وصديق لسينتس، وبين ثلاثة جزائريين شهدوا تراجع الأقدام السوداء، يعود ميرسو إلى مكان الحادث. يرى رجلا عربيا مستلقيا يعزف الناي. وفي المشهد الذي لربما هو الأشهر بالكتاب تقريبا - الذي تلعب فيه كل من الشمس والحرارة دورا بارزا - يسير ميرسو نحو الرجل، الذي يكشف لميرسو عن سكينه. تنعكس الشمس على السكين، وتنعكس على عيني ميرسو. بعدها يطلق النار على العربي خمس مرات. يوضع ميرسو قيد الحبس، وتدور المحاكمة التي تتبع ذلك في معظم الجزء الثاني. الغريب أن المحاكمة لم تخاطب جريمة ميرسو الحقيقية؛ إذ لم يطلب من أي عربي الشهادة، ولا يبدو أن جريمة القتل تلك تشغل الجهاز القضائي.
تعد المحاكمة فرصة كامو للتنديد بالقضاء الفرنسي، لكنها أيضا توفر المنصة التي سيندد كامو من خلالها بالامتثال البرجوازي العام. فبدءا من القاضي المتدين تدينا متطرفا، الذي يلوح بصليبه في وجه ميرسو خلال الإجراءات السابقة للمحاكمة ويلقبه بعدو المسيح، إلى محامي الدفاع غير الكفء والمدعي العام المزايد، يبدو النظام القضائي مشغولا في الغالب بسمعته وبتطبيق القيم الأخلاقية المحافظة. وفي نهاية المطاف، فإن نتيجة المحاكمة مرهونة كليا بالجانب الأخلاقي لدى المتهم.
بهذا التركيز يصبح ميرسو في وضع سيئ، بالنظر إلى عدم ذرفه للدموع في جنازة أمه، وعدم معرفته لعمرها، وإقامته لعلاقة مع زميلة له بعدها بفترة قصيرة للغاية. هنا مرة أخرى، تشكل تجارب كامو الحياتية جذور خيبة الأمل تلك؛ ففي الوقت الذي قضاه كصحفي يكتب تقارير المحاكمات، كان عادة ما يشجب الأحكام، حتى إنه كان أحيانا يكتب عرائض في محاولة لنقضها. رغم ذلك، فإن المجتمع البرجوازي هو الذي يحاكم هنا في الوقت نفسه. كل من في قاعة المحكمة هو مثال على الامتثال؛ كلهم يلعبون دورهم المجتمعي إلى حد الإتقان. وكما هو واضح، هدف المحاكمة هو لفت النظر إلى عبثية حقيقة أن ميرسو مذنب ليس لقتله كائنا بشريا، بل لأنه لم يذرف دموعا في جنازة أمه. لكن يبقى اللغز: لماذا يقتل ميرسو الشاب العربي؟
بغض النظر عن عدم مبالاته الواضحة، هناك بعض الأمور التي يحبها ميرسو إلى حد بعيد. يستمتع ميرسو بالطعام (والنبيذ والتبغ)، ويرغب في ماري، وإن كان ذلك لأسباب جسدية بحتة. ويعشق الطبيعة أكثر من أي شيء، في تكرار للفكرة الرئيسية المهيمنة على أبطال كامو في مجموع إنتاجه الأدبي. لا يبدو ميرسو سعيدا حقا إلا عندما يصف البحر والشاطئ، وتحديدا الشمس. إن تفاعل ميرسو مع الطبيعة يصل إلى حد الاتحاد معها. هذا التواصل مع الطبيعة هو مثال آخر لمفهوم الغبطة لدى كامو. لا يهتم ميرسو بالتخطيط للمستقبل (رفض الترقية، والزواج)، بل يعيش الحاضر، في اللحظة الآنية.
تجسد الشمس وضوءها - اللذان يهيم بهما ميرسو طوال الرواية - تلك العلاقة الخاصة مع الطبيعة، التي أطلق عليها بعض المعلقين وصف المقدسة. لحظات الاتصال مع الطبيعة تلك توفر مهربا من الزمن كما يقيسه البشر، مهربا من الماضي، ومن التاريخ، ومن الذاكرة الجمعية.
يعكس تصوير الطبيعة في رواية «الغريب» اختلافا جوهريا بين رؤى كامو ورؤى جان بول سارتر. في وجودية سارتر، تثير التفاعلات مع الطبيعة لحظات من اللايقين الوجودي العميق، لكن ينبغي التسامي على تلك اللحظات من خلال الأنشطة الإنسانية. أما في عبثية كامو، فإن التفاعلات مع الطبيعة مرغوبة، وهي المصدر الوحيد للعزاء في النهاية.
وفيما يخص القتل، يرى أحد التفسيرات أن ميرسو قتل الشاب العربي لأنه أعاق تفاعله مع الطبيعة. فمن خلال استرخائه واستلقائه على الشاطئ، استعاد هذا الشاب تلك المنطقة رمزيا (إنه «يجعل نفسه كما لو كان في بيته»). ثم يستولي على الشمس رمزيا، ويوجه انعكاسها في سكينه على وجه ميرسو. وبالنظر إلى حب ميرسو للطبيعة وللشمس، يعد ذلك انتهاكا للمقدسات.
ناپیژندل شوی مخ