وتقدم من باب حجرة النوم وأدار «الأكرة». الباب يزيق كلما فتح. عليه إذن أن يفتحه ملي بملي. ها هو قد أصبح في الداخل. الظلام ثقيل، إنه لا يرى شيئا المرة. ماذا حدث لعينيه؟ شعاع واحد يتسرب من الباب الموارب. أبوه يشخر. أخته تقرض مثل الفأرة على أسنانها كعادتها حين تنام. إنه يرتعش. لماذا يدق قلبه هكذا؟ إذا لم يهدأ سيوقظ أباه بدقه الملعون. ولماذا كل هذا العرق؟ تقدم يا ولد! تقدم!
وتقدم سامي أكثر في منتهى الحذر. السرير الذي يرقد فيه والداه وأخته على يمينه، أخوه الصغير يرقد على «الملة» التي يشاركه فيها. الدولاب بعد خطوات قليلة على يساره. عليه أن يزحف بقدميه حتى لا يسهو ويصطدم بأخيه النائم ويصرخ وتكون الكارثة. كف عن الدق أيها القلب اللعين. شخر يا أبي شخر. ارفع من صوتك هذا الذي طالما أرق نومي.
وحدث أن توقف فجأة عن الشخير، وتوقف قلب سامي هو الآخر.
ولكن أباه عاد وجذب نفسا عميقا مصحوبا بشخير أعمق. نعم، هكذا، هكذا يا أبي أرجوك.
ملمس الدولاب الناعم كالحرير أصبح يحسه. ها هي قبضته المكسورة، عليه ليفتحه أن يمسك المقبض بقوة، ويرفع «الضلفة» إلى أعلى قليلا ثم يجذبها بسرعة، هكذا جرب أن يفتحها في النهار دون أن تحدث صوتا.
وفتح الدولاب.
وأصبحت الملابس المعلقة داخله في متناول يده. كان لديهم شماعتان، أمه قد أخذت شماعة بأكملها لملابسها وقاسمت أباه في الأخرى. ولم يكن عسيرا عليه أن يفرق بين الشماعتين؛ فملمس بدلة أبيه الخشنة واضح، والرائحة التي تنفثها البدلة واضحة أيضا، إنها رائحة أبيه، إنه يعرفها فطالما شمها وهو يعانقه، وطالما شمها في «جاكتته» القديمة التي يرتديها وهو يذاكر حتى لا يبرد.
بحث في أول جيب صادفه. ليس فيه سوى المنديل مكورا، وأشياء في قاعة تستقر كحبات الرمل، ولم يجد في الجيب الآخر شيئا.
وكان سامي يتوقع هذا؛ إذ ليس من المعقول أن يضع أبوه نقودا في جيوبه الخارجية. النقود في المحفظة، في الجيب الداخلي. ورغم هذا بحث - من قبيل الاحتياط - في الجيب الصغير الذي توضع فيه «الفكة». كان خاويا تماما. ليس هذا فقط، بل لم يجد له قاعا أبدا!
وأحس بشيء من الرهبة وهو يدخل يده في الجيب الداخلي. ودق قلبه بعنف حين عثرت أصابعه على المحفظة، وحين استخرجها من الجيب أحس بشيء داخل نفسه يشتمه ويلعنه، وأجفل، ولكن المحفظة كانت قد أصبحت في يده، وكانت ثقيلة سميكة، لها رائحة خاصة مقبضة.
ناپیژندل شوی مخ