206

العقيدة في الله

العقيدة في الله

خپرندوی

دار النفائس للنشر والتوزيع

شمېره چاپونه

الثانية عشر

د چاپ کال

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

د خپرونکي ځای

الأردن

ژانرونه

أولئك، وانتسخ العلم (نُسي ودرس) عُبدت ". (١)
فهذا أول انحراف وجد في تاريخ البشرية عن التوحيد، فأرسل الله إليهم أول رسله نوحًا ﵇ مصداقًا لوعده الذي أعطاه لأبي البشر آدم بإرسال الرسل وإنزال الكتب هداية للبشرية.
والدليل على أن نوحًا كان أول رسول مبعوث حديث الشفاعة الثابت في الصحيح، وفيه: (أن الناس يأتون بعد آدم نوحًا فيقولون له فيما يقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى الأرض، وسماك الله عبدًا شكورًا) (٢) . والنصوص التي بين أيدينا من كتاب ربنا تدل دلالة واضحة على أن نوحًا قد دعا إلى التوحيد الخالص، فقد قال لقومه: (اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره إني أخافُ عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ) [الأعراف: ٥٩]، وقال: (أن لاَّ تبعدوا إلاَّ الله إني أخافُ عليكم عذاب يومٍ أليمٍ) [هود: ٢٦] وقال: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتَّقون) [المؤمنون: ٢٣] .
والذين استجابوا لدعوته للتوحيد هم ضعفاء الناس، وتنكّر لها السادة والزعماء الذين يظنون في أنفسهم العقل والذكاء حيث استكبروا عن متابعة الحق: (قال الملأ ُ من قومه إنَّا لنراك في ضلالٍ مُّبينٍ) [الأعراف: ٦٠] والملأ المذكورون في الآية هم السادة والكبراء، وقالوا له: (وما نراك اتَّبعك إلاَّ الَّذين هم أراذلنا بادي الرَّأي) [هود: ٢٧]؛ أي: اتبعوك بدون تأمل عميق، وتفكير ونظر، وهذا الذي رموهم به هو ما يجب أن يُمدحوا به، فإن الحق إذا ظهر لا يحتاج إلى نظر، بل يجب اتباعه.
وتعجبوا أن يبعث الله رسولًا بشرًا فقالوا: (ما نراك إلاَّ بشرًا مثلنا) [هود: ٢٧]، (فقال الملأُ الَّذين كفروا من قومه ما هذا إلاَّ بشرٌ مثلكم يريد أن يتفضَّل عليكم ولو شاء

(١) صحيح البخاري: ٨/٦٦٧. ورقمه: ٤٩٢٠.
(٢) رواه مسلم: ١/١٨٥. ورقمه: ١٩٤.

1 / 272