العَمَل الصَّالِح
خَيرُ الزَّادِ وَخَير رَفِيقًا لِيَومِ المَعَادِ
مَعَ تَعْلِيقَات
مُحَمَّد نَاصِر الدِّين الألبَايِن
وَغَيرِهِ مِنَ العُلَمَاء
وَيَتَقَدَّمُهُ رَسْمٌ شَجَرِيٌّ لِبَعض مُصطَلَحَات الحَدِيث
1 / 1
حقوق النسخ متاحة لكل مسلم سواء للتوزيع الخيري أو التجاري على أن لا يزاد فيه ولا ينقص منه
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ عَبْدُهُ وَرَسُوله؛ أَمَّا بَعْد.
فَهَذِهِ أَحَادِيثُ مُخْتَصَرَة عَنْ فَضَائِلِ الأَعْمَال، أَحَادِيثُ تَرغِيبٍ وَبَعْضٌ مِنْ أَحَادِيثِ التَّرهِيبِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى بَعْضِ أَحَادِيثِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلاَةِ لأَهَمِّيَتِهَا، وَإِلاَّ فَأَصْلُ الْكِتَابِ عَنْ فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَبِالإضَافَةِ أَيْضًا إِلَى أَوْصَافِ أُمَّة مُحَمَّدٍ ﷺ، وَأُمُور الآخِرَةِ، وَوَصْف الْجَنَّةِ، وَالنَّار.
وَهَذَا الْكِتَابُ هُوَ مُتَوسِّطٌ بَينَ الْكِتَابَين: الطَّوِيلِ الْمُمِلِّ وَالْمُخْتَصَرِ الْمُخِلّ، بِحَسَبِ أَهَمِّيَةِ الْمُوضُوعِ تَكُونُ الإِطَالَةُ أَوْ الإيْجَازُ.
وَتَرتِيبُ أَحَادِيْثَة الأوْلَى فَالأوْلَى! مِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا أَرَدتَ الْوضُوءَ فَإِنَّكَ تَبْدَأُ باِلبَسْمَلَة، ثُمَّ الوُضُوء، ثُمَّ التَّشَهُّد، وَكَذَلِكَ فِي تَرْتِيب فَضَائِل الْوُضُوء، أَوَّلًا يَكُونُ الْكَلاَمُ عَنْ الْبَسْمَلَةِ، ثُمَّ عَنْ فَضْلِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ عَنْ فَضْلِ التَّشَهد بَعْدَ الْوضُوء، مِثَالٌ آخَرُ فِي تَرْتِيب فَضَائِل الْقُرآن: أَوَّلًا فَضْلُ سُورَة الْفَاتِحَة، ثُمَّ فَضْلُ آيَة الكُرسِي، ثُمَّ الآيَتَينِ مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة، ثُمَّ فَضْل السُّورَة.
عِلمًا بِأَنَّ مَرَاتبْ أَحَادِيثِ هَذَا الْكِتَاب هِي كَالآتِي.
*صحيح و*حسن صحيح و*صحيح لغيره و*إسناد جيد و*حسن و*حسن لغيره وهناك الـ *مرسل والـ *موقوف
وَتَعْرِيفُ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا يَلِي.
تَعْرِيف الْحَدِيث الصَّحِيح
قَالَ ابنُ الصَّلاَح: «أَمَّا الحَدِيث الصَّحِيح فَهُوَ الحَدِيث المُسنَد الَّذِي يَتَّصِلُ
1 / 3
إِسنَادُه بِنَقلِ العَدْل الضَّابِط عَنِ العَدْل الضَّابِط إِلَى مُنتَهَاهُ، وَلاَ يَكُونُ شَاذًّا وَلاَ مُعَلَّلًا». (١)
وَسَأَذكُر تَعرِيفًا آخَر لابن حَجَر قَالَ:
«وَخَبَرُ الآحَادِ بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبطِ مُتَّصِلِ السَّنَدِ غَيرِ مُعَلَّلٍ وَلاَ شَاذٍّ هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ». (٢)
وَبِمَعْنًى أَوْضَحَ: هُوَ حَدِيثٌ تَوَفَّرَتْ فِيهِ خَمْسُ شُرُوطٍ وَهِيَ:
١ - اتِّصَالُ السَّنَدِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ كُلَّ رَاوٍ مِنْ رُوَاتِهِ قَدْ أَخَذَهُ مُبَاشَرَةً عَمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ أَوَّلِ السَّنَدِ إِلَى مُنْتَهَاهُ.
٢ - عَدَالَةُ الرُّواة: أَيْ: كُلُّ رَاوٍ مِنْ رُوَاتِهِ صِفَتُهُ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ غَيْرُ فَاسِقٍ، وَغَيْرُ مَخْرومِ الْمُروءَةِ.
٣ - ضَبْط الرُّوَاة: أَيْ أَنَّ كُلَّ رَاوٍ مِنْ رُوَاتِهِ صِفَتُهُ بِأَنَّهُ تام الضَّبْط، إِمَّا ضَبْطُ صَدْرٍ، أَوْ ضَبْطُ كِتَابٍ، وَمَعْنَى الضَّبْط: أَيْ: الْحِفْظُ، وَرَجُلٌ ضَابِطٌ أَيْ: حَافِظٌ.
٤ - عَدَمُ الشُّذُوذ: أَيْ: لاَ يَكُون الْحَدِيثُ شَاذًّا، وَالشُّذُوذ: هُوَ مُخَالَفَةُ الثِّقَةِ لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ.
٥ - عَدَمُ الْعِلَّةِ: أَيْ لاَ يَكُونُ الْحَدِيثُ مَعْلُولًا، وَالْعِلَّةُ سَبَبٌ غَامِضٌ خَفِيٌّ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيث، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ السَّلاَمَةُ مِنْهُ.
_________
(١) الباعث الحثيث في احتصار علوم الحديث (١/ ٩٩).
(٢) نزهة النظر شرح نخبة الفكر (٣٧).
1 / 4
وَيَنْقَسِمُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ إِلَى سَبْعِ مَرَاتِبَ هِيَ:
١ - الْمُتَّفَق عَلَيْهِ: وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. "وَهَذَا أَعْلَى الْمَرَاتِب".
٢ - ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
٣ - ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.
٤ - ثُمَّ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. (١)
٥ - ثُمَّ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيّ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ.
٦ - ثُمَّ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم وَلَمْ يُخَرِّجْهُ.
٧ - ثُمَّ مَا صَح عِنْدَ غَيْرِهِمَا مِنْ الأئِمَّة كَأَصْحَابِ السُّنَنِ وابنِ خُزَيْمَةَ وابنِ حِبَّان وَالْمَسَانِيدِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِهِمَا.
وَالْبُخَارِيُّ الْتَزَمَ بِشَرْطٍ (٢) لِقَبُولِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُمَا اللهُ، فَشَرْطُ الْبُخَارِيّ هُوَ:
اللُّقْيَا: أَيْ كُلُّ رَاوٍ يَكُونُ قَدْ لَقِيَ مَنْ رَوَى عَنْهُ. (٣)
وَشَرْطُ مُسْلِمٌ: الْمُعَاصَرَةُ (٤)
_________
(١) على شرطهما: أي: رجاله رجال البخاري ومسلم، وما كان على شرط البخاري: أي: رجاله رجال البخاري وما كان على شرط مسلم: أي: رجاله رجال مسلم، هذا أحد الأقوال.
(٢) سوى ما تقدم من الإتصال والعداله والضبط وعدم العله وعدم الشذوذ.
(٣) هذا الشرط لم يُفْصِح عنه البخاري وإنما عرف بالتتبع والاستقراء.
(٤) المعاصرة هي: أن يعيش كلا الراويان في زمن واحد.
وبمعنى آخر لفهم مراد الإمام مسلم ﵀: عندما يروي الرواه عن بعضهم فإنهم لا يخلون من ست حالت أو أكثر
١ - أن يروي عن من لم يدرك عصرة. وهذا منقطع بالإتفاق، وهو ما يسمى بالمرسل الجلي، أو بالمنقطع.
٢ - أن يروي عن من عاصرة وثبت أنهما لم يلتقيا، وهذا أيضا منقطع ويردة البخاري ومسلم وغيرهما وهو ما يسمى بالمرسل الخفي. =
1 / 5
مَلْحُوظَة: بَعْضٌ مِنَ النَّاسِ يَثِقُ فِي الأحاديث الَّتِي يَرْوِيهَا الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فَقَطْ، وَهَذَا خَطَأ، فَكَلاَمُ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْصِيهِ رَجُلاَن.
فَقَدْ نُقِلَ عَنِ البُخَارِيّ أَنَّهُ قَالَ: «مَا تَرَكْتُ مِنَ الصِّحَاحِ أَكْثَر».
وَقَالَ مُحَمَّد بن حمدويه سَمِعتُ البُخَارِيَّ يَقُولُ: «أَحْفَظُ مائَةَ أَلْف حَدِيث صَحِيح، وَأَحْفَظُ مائَتَي أَلف حَدِيث غَيْرِ صَحِيح». (١)
وَصَحِيح الْبُخَارِيّ فِيهِ بِحَذْف الْمُكَرَّر (٢٦٠٢) حَدِيث وَبِالْمُكَرَّرِ (٧٣٩٧) حَدِيثًا.
فَهُنَاكَ قرابة (٩٧٤٠٠) سَبْعَة وَتِسعينَ ألفًا وَأربَعِ مائةِ حَدِيثٍ عِنْدَ الْبُخَارِيّ لَمْ يَرْوِهَا وَكُلّهَا صَحِيحَة.
_________
= ٣ - أن يروي عن من عاصرة ولم يثبت أنهما ألتقيا وكذلك لم يثبت أنهما لم يلتقيا، فهذا هو موضع الخلاف بين البخاري ومسلم رحمهما الله، فالبخاري يرى أنه منقطع ومسلم يرى أنه متصل. - على أن يكون الراوي سالما من التدلس - أنظر للكلام الذي تحته خط من كلام الإمام مسلم ﵀:
[.. وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهم من أهل الحديث فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذي وصفنا قوله من قبل وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه كي تنزاح عنهم علة التدليس فمن ابتغى ذلك من غير مدلس على الوجه الذي زعم من حكينا قوله فما سمعنا ذلك عن أحد ممن سمينا ...] ١/ ٣٢.
فهاهو الإمام مسلم ينكر على من أشترط عبارة - حدثنا أو سمعت - من الثقات الذي سلموا من التدليس، بقوله [فمن ابتغى ذلك من غير مدلس].
٤ - أن يروي عن من عاصرة وثبت أنه لقيه وسمع منه، وهذا الذي يعنية البخاري ويقبلة.
٥ - أن يروي عن من عاصرة ولقية الحديث نفسة، وهذا أقوى الحلات.
٦ - أن يروي عن من عاصرة ولقية مالم يسمعه منه، وهذا ميسمى بالتدليس.
(١) مقدمة الفتح (١/ ٤٨٧).
1 / 6
وَكَثِير مِنْ أَحَادِيث أَصْحَاب السُّنَن وَالْمَسَانِيد وَغَيْرهم، رِجَالُهَا رِجَال الصَّحِيحَين، أَو الْبُخَارِيّ أَوْ مُسْلِم، وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم.
تَعْرِيف الْحَدِيثِ الْحَسَنِ الصَّحِيحِ
قَدْ اخْتَلَف الْعُلَمَاءُ فِي مُرَادِ التِّرمِذِيّ بِقَوْلِهِ:"حسن صحيح" وَذَكَرُوا أَقْوَلًا كَثِيرَة وَمِنْهَا:
- إِذَا كَانَ لِلْحَدِيث إِسْنَادَانِ فأَكْثَر، فَالْمَعْنَى: حَسَنٌ بِاعتِبَار إِسنَادٍ، صَحِيحٌ بِاعتِبَار إِسنَادٍ آخَرَ.
- وَإِنْ كَانَ لِلحَدِيث إِسنَاد وَاحِد فَقَطْ فَهُنَاكَ رَاوٍ مِنْ روَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنهُم مَنْ وَثَّقَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَيَكُونُ حَسَنَ الحَدِيثِ عِندَ قَومٍ صَحِيح الحَدِيث عِند الآخَرِين.
تَعْرِيف الْحَدِيث الصَّحِيح لِغَيرِه
هَوُ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ إِذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مِثْلهُ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَسُمّيَ صَحِيح لِغَيْرِهِ لأَنَّ الصِّحةَ لَمْ تَأْتِهِ مِنْ ذَات السَّنَد، وَإِنَّمَا جَاءَت مِن انْضِمَامِ غَيْره لَهُ.
مَرْتَبتُه: أَعْلَى مِنْ مَرْتَبَة الْحَسَن لِذَاتِهِ، وَأَقَلُّ مِن مَرتَبة الصَّحِيح لِذَاتِهِ.
تَعْرِيف «إِسْنَادُه جَيد»
هُوَ كَالْحَسَن، وَالْبَعْض يَرَى أَنَّهُ أَرْفَعُ مِنَ الْحَسَنِ.
تَعْرِيف الْحَدِيث الْحَسَن
هَوُ: مَا رَوَاهُ عَدلٌ خَفِيفُ الضَّبْطِ مُتَّصِلُ السَّنَد وَلاَ يكَوُن شَاذًّا وَلاَ مُعَلَّلًا.
1 / 7
قاَلَ ابْنُ حَجَر: «وَخَبَرُ الآحَاد بِنَقْل الْعَدْل تَامِّ الضَّبط مُتَّصِل السَّنَد غَيْرِ مُعَلَّلٍ وَلاَ شَاذ هُوَ الصَّحِيح لِذَاتِهِ، فَإِنْ خَفَّ الضَّبْط فَالْحَسَن لِذَاتِهِ». (١)
والْحَدِيث الْحَسَنُ كُلُّ شُرُوطِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مُتَوَفِّرَةٌ فِيهِ مَا عَدَا تَمَام الضَّبط.
فَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح: يَكُون الرَّاوِي تَامَّ الضَّبْطِ.
وَفِي الْحَدِيث الْحَسَن: يَكُون الرَّاوِي خَفِيفُ الضَّبْط.
حُكْمُهُ: هُوَ كاَلصَّحِيح فِي الاحْتِجَاج بِهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّة، وَقَدْ أَدْرَجَهُ بَعْضُ الْمُتَسَاهِلِينَ فِي نَوْع الصَّحِيح، كَالْحَاكِم وابن حِبَّان وابن خُزَيْمَةَ، مَعَ قَوْلهم بَأَنَّهُ دُونَ الصَّحِيح.
تَعْرِيف الْحَدِيث الْحَسَن لِغَيرِه
هُوَ: الضَّعِيف إِذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقه، وَلَمْ يَكُن سَبَب ضَعْفه فِسق الرَّاوِي أَوْ كَذِبه.
يُسْتَفَاد مِنْ هَذَا التَّعْرِيف: أَنَّ الْحَدِيث الضَّعِيف يَرتَقِي إِلَى دَرَجَة الْحَسَنُ لِغَيْرِهِ بثلاثة أمور هي:
أ) أَنْ يُروَى مِنْ طَرِيق آخَر فَأَكْثَر.
ب) أَنْ يَكُون الطَّرِيق الآخَر مِثلهُ أَوْ أَقْوَى.
ج) أَنْ يَكُونَ سَبَب ضَعْف الْحَدِيث إِمَّا سُوء حِفْظ رُوَاتِه، أَو انْقِطَاع فِي
_________
(١) نزهة النظر شرح نخبة الفكر (٣٧، ٤٥).
1 / 8
سَنَدهِ، أَوْ جَهَالَة فِي رِجَالِهِ.
* وَيَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيث وَغَيْرهم رِوَايَة الأَحَادِيث الضَّعِيفَة وَالتَّسَاهُل فِي أَسَانِيْدهَا مِنْ غَيْرِ بَيَان ضَعْفهَا بِشَرْطَينِ:
١) أَنْ لاَ تَتَعَلَّق بِالْعَقَائِد، كَصِفَاتِ اللهِ تَعَالَى.
٢) أَنْ لاَ تَكُون فِي بَيَان الأَحْكَام الشَّرْعِيِّة، مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحَلاَل وَالْحَرَام.
وَالَّذِي عَلَيْهِ جمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يُسْتَحَب الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِل الأَعْمَال وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلاَثَة أَوْضَحَهَا الْحَافِظ ابْنُ حَجَر وَهِيَ:
١) أَنْ يَكُونَ الْضَّعْف غَيرَ شَدِيدٍ.
٢) أَنْ يَنْدَرِجَ الْحَدِيث تَحْتَ أَصْلٍ مَعْمُولٍ بِهِ.
٣) أَنْ لاَ يَعْتَقِد عِنْدَ الْعَمَل بِهِ ثُبُوتهُ، بَلْ يَعْتَقِد الاحْتِيَاط.
قَوْله: أَنْ يَنْدَرِجَ الْحَدِيثُ تَحْتَ أَصْلٍ مَعْمُولٍ بِهِ، أَيْ لاَ يَكُون عَمَلًا مُحْدَثًا لاَ أَصْلَ لَهُ؛ وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَم.
* وَيُسْتَثنى مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيث الْمَوضُوع وَهُوَ أَشَرُّ الأَحَادِيث الضَّعِيفَة وَأَقْبَحهَا وَبَعْضُ الْعُلَمَاء يَعْتَبِرُهُ قِسْمًا مُسْتَقِلًاّ وَلَيْسَ مِنْ أَنْوَاع الأَحَادِيث الضَّعِيفَة، فَلاَ يَجُوزُ نَقْلُه.
تَعْرِيف الْحَدِيث الْمُرسَل
هُوَ مَا قَالَ فِيهِ التَّابِعِّي: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كذا أو فعل كذا.
1 / 9
وَمُجْمَل أقوَال العُلَمَاء فِي المُرسَل ثَلاَثَة أَقْوَال هِيَ:
أ) ضَعِيفٌ مَردُود: عِندَ جُمهور المُحَدِّثِين، وَكَثَيرٌ مِنْ أَصحَاب الأُصُول وَالفُقَهَاء. وَحُجَّة هَؤلاَء الجَهْل بِحَال الرَّاوِي المَحذُوف لاحْتِمَال أَنْ يَكُونَ غَيرَ الصَّحَابِي.
ب) صَحِيحٌ يُحْتَجُّ بِهِ: عِنْدَ الأَئِمَّة الثَّلاَثَة: أَبي حَنِيفَة، وَمَالِك، وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُور عَنْهُ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: صَحِيح يُحْتَجُّ بِهِ بِشَرْط.
أَنْ يَكُونَ الْمُرْسِلُ ثِقَة، وَلاَ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ ثِقَة، وَحُجَّتهُمْ:
أَنَّ التَّابِعِي الثِّقَة لا يَسْتَحِلُّ أَنْ يَقُولَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلاَّ إِذَا سَمِعَهُ مِنْ ثِقَة.
ج) قبوله بِشُروط: أي: يَصِحُّ بِشُروط، وَهَذَا عِندَ الشَّافِعِي وَبَعضِ أَهْل العِلم.
١ - أَنْ يَكُونَ المُرسِل مِنْ كِبَار التَّابِعِين.
٢ - وَإِذَا سَمَّى مَنْ أَرسَلَ عَنهُ سَمَّى ثِقَة.
٣ - وَإِذَا شَارَكَ الحُفَّاظ المأمُونون لَمْ يُخَالفُوه.
٤ - وَأَنْ يَنْضَمَّ إِلَى هَذِهِ الشُّرُوط الثَّلاَثَة وَاحِد مِمَّا يَلِي:
أ) أَنْ يُروَى الحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر مُسنَدا.
ب) أَوْ يُروَى مِنْ وَجْهٍ آخَر مُرسَلًا، أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذ العِلمَ عَنْ غَيرِ رِجَال المُرسَل الأوَّل.
ج) أَوْ يوَافِق قَول صَحَابِي.
1 / 10
د) أَوْ يُفْتِي بِمُقتَضَاهُ أَكْثَرُ أَهْل العِلم.
تَعْرِيف الْحَدِيث الْمُوقُوف
هَوُ: مَا أُضِيفَ إِلَى الْصحَابِي مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْل، شَرِيطَةَ ألاَّ يُوجَد مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ حُكْمًا.
*******
وَهُنَاكَ تَعرِيف آخَر بِالنِّسبَة لِلْحَسَن، وَالصَّحِيح لِغَيرِهِ وَالْحَسَن الصَّحِيح؛ وَلَكِن التَّعْرِيف الْمَذْكُور مِنْ أَشْهَرِهَا.
مُعْظَم هَذِهِ التَّعَارِيف مِنْ كِتَاب: تَيسِير مُصْطَلَح الْحَدِيث.
مَلْحُوظَة: فِي نِهَايَة حَاشِيَة كُل حَدِيث (١) سَتَجِدُ تَعْلِيقًا عَلَيهِ مِنْ صِحَّة وَحُسن وَغَيْرهَا وَهَذَا التَّعْلِيق لأحْد الْعُلَمَاء الْمَعْرُوفِين كَالألْبَانِي وَشُعَيب، وَقَدِيْمًا كَالذَّهَبِي وَابْن حَجَر وَابْن كَثِير وَغَيْرِهُم؛ وَأَكْثَر مِن ٩٥% هِيَ
_________
(١) ما عدا المتفق عليه أو ما رواه البخاري أو مسلم، قال ابن كثير " ثم حكى - أي: ابن الصلاح - أَنَّ الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة، انتقدها بعض الحفاظ، كالدارقطني وغيره" قال ابن كثير: ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنّت صحّتَه وجب عليها العمل به، لا بد وأن يكون صحيحًا في نفس الأمر. وهذا جيد" ثم قال ابن كثير "وأنا مع ابن الصلاح فيما عَوَّلَ عليه وأرشد إليه والله أعلم"، وتعقب الشيخ أحمد شاكر كلام ابن الصلاح بقوله "الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، ومن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر، أن أحاديث «الصحيحين» صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث، على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنَّك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في «الصحيحين» أحاديث غير صحيحة، وَتَتَبَّع الأَحَادِيث التي تكلموا فيها، وَانْقُدْها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، وَاحْكُم عَنْ بَيِّنَه ". الباعث الحثيث (١/ ١٢٤).
تنبية!! بعض الأحاديث يكون قد رواها البخاري ومسلم ولكن اللفظ للنسائي أو لابن ماجه وغيرهم في هذه الحال ستجد تعليقا للألباني أو غيره وهذا التعليق ليس على أحاديث الصحيحين وإنما على المذكور معهما في الحاشية.
وبمعنى أوضح: إن كان العزو للبخاري ومسلم فقط فلن تجد تعليقا، وإن كان للبخاري ومسلم وأبو داود فستجد تعليقا للألباني خاصا بما رواه أبو داود.
1 / 11
تَعْلِيقَات الألبَانِي ﵀.
مَلْحُوظَة أُخْرَى: بَعْض مِنَ الأحَادِيث يَكُونُ قَدْ رَوَاهَا أَهْلُ السُّنَن جَمِيعُهُم وَلَكِنْ يَكْفِي ذِكْرُ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَينِ مِنْهُم لأنَّ الْغَايَة عَزُو الْحَدِيث وَلَيْسَ تَخْرِيْجهُ.
وَخِتَامًا
أَقُولُ عَنْ أَخْطَائِي فِي هَذَا الْكِتَاب- وَلاَ سِيَّمَا النَّحْوِيَّة - كَمَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد حَسَن الشَّيْخ "إِنْ وُفِّقْتُ فِيهِ إِلَى الصَّوَابِ فَذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ، وَإِنْ لَمْ أُوَفَّقْ فِيهِ إِلَى الصَّوَابِ فَحَسْبِي أَنِّي كُنْتُ حَرِيصًا عَلَيْهِ، فَرَحِمَ اللهُ أَخًَا نَظَرَ فِيهِ نَظْرَةَ تَجَرُّدٍ وَإِنْصَاف وَدَعَا لِي بَظَهْرِ الْغَيبِ عَلَى صَوَابٍ وَفَّقَنِي اللهُ إِلَيْهِ، وَاسْتَغْفَرَ لِي زَلاَّتِي".
وَأَيْضًا لِيَكُونَ الصَّوَاب وَالْكَمَال مِنْ بَين الْكُتُب لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى.
*******
1 / 12
رَسْم شَجَرِي لِبَعْض مِن مُصطَلَحَات الْحَدِيث
1 / 13
مراتب رجال الحديث
هَذَا تَقْسِيم الشَّيخ أَحْمَد شَاكِر ﵀. (الباعث الحثيث ١/ ٣١٩)، وَلَكِنْ مَنْ تَتَبَّعَ طَرِيقَتَهُ فِي التَّصْحِيح يَجِدْ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِهَذَا التَّقْسيم؟!.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 15
المرفوع
الْمَرْفُوع هُوَ: مَا أُضِيفَ إِلَى الرَّسُول ﷺ مِنْ قَولٍ أَوْ فِعلٍ أَو تَقْرِير وَيُسَمَّى أَيضًا مُسندًا.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 16
الموقوف
الْمَوْقُوف هُوَ: مَا أُضِيفَ إِلَى الصَّحَابِي مِنْ قَولٍ أَوْ فِعل [أَوْ تَقْرِير مَعَ خِلاَفٍ فِيهِ].
شَرَيطَة أَلاَّ يُوجَد مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ حُكْمًا.
انظر إِلَى الحَدِيث رقم (١٩٤٥) فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ وَلَكِنَّهُ فِي حُكْم المَرفُوع إِذْ لاَ مَجَالَ لِلرَّأي فِي مِثلِ هَذِهِ الأمُور.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 17
الأثر
الأَثَر هُوَ أَيْضًا أَقْوَال الصَّحَابَة ﵃.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 18
المرسل
الْمُرسَل هُوَ: مَا قَالَ فِيهِ التَّابِعِّي قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كذا أو فعل كذا.
فِي هَذَا الشَّكْل أَسْقَطَ صَحَابِي فَقَط، وَقَدْ يُسْقِطُ صَحَابِيَّان أو ثَلاَثَة .. إلخ
مَثَلًا لَوْ قَالَ ابن عُمَر حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ...
فِي هَذِا الحَال لَوْ قَالَ التَّابِعِي عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ...
يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ صَحَابِيَّانِ.
المُهِمّ إِنْ كَانَ أَسْقَطَ الصَّحَابَة فَقَط فَلاَ إِشْكَال لأنَّ جَهَالَة الصَّحِابِيّ لا تَضُر.
وَلَكِنَّ المُشكِلَة فِي إِسْقَاط تَابِعِيّ آخَر فَلاَ يُدْرَى عَنْ حَالهِ، انْظُر إِلَى المِثَال الآتِي.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 19
مرسل آخر
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَنْ تَابِعِيّ آخَر، عَنِ الصَّحَابِي فَأَسْقَطَ الاثْنَين كَمَا تَرَى وَأَصْبَحَ مُعْضَلٌ مُرْسَل.
وَمِن هُنَا يَتَبَيَّنُ أَهَمِّيَّةُ شَرطِ الشَّافِعِي فِي قَبُول المُرسَل بِقَولِهِ: «أَنْ يَكُونَ المُرسِل مِنْ كِبَار التَّابِعِين».
لأنَّ أَكْثَر مَشَايِخ كِبَارُ التَّابِعِين هُمُ الصَّحَابَة بِخِلاَف صِغَار التَّابِعِين الَّذِينَ أَكْثَر مَشَايِخَهُم كِبَار التَّابِعِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الصَّحَابَة.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 20
المقطوع
الْمَقْطُوع هُوَ: مَا أُضِيفَ إِلَى التَّابِعِي صَغِيرا كَانَ أو كَبِيرا مِنْ قَوْلٍ أو فِعْلٍ، وَهُوَ كَالْمَوْقُوف وَلَكِن إِنْ كَانَ مُنْتَهَى السَّنَد الصَّحَابِي سُمِّي: مَوْقُوفًا، وَإِنْ كَانَ التَّابِعِي سُمِّي: مَقْطُوعًا.
شَرِيطَة أَلاَّ يُوجَد مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ حُكْمًا.
توجد صورة في هذا الموضع من الكتاب
لرؤية هذه الصور اضغط زر (عرض / إخفاء نسخة مصورة) من القائمة
1 / 21