الأفعال الناسخة
الأفعال الناسخة
خپرندوی
مطبوع سنة ١٩٩٨ م على نفقة الكاتب
ژانرونه
الأفعال الناسخة
- مصطلح الأفعال الناسخة
- الفصل الأول: كان وأخواتها.
- الفصل الثاني: أفعال المقاربة.
- الفصل الثالث: ظن وأخواتها.
ناپیژندل شوی مخ
مصطلح الأفعال الناسخة
أولًا - معنى الفعل.
ثانيًا - النواسخ.
ثالثًا - معنى الناقص.
1 / 3
الأفعال الناسخة
ستقتصر دراستنا هنا حول الأفعال الناسخة فسيكون حديثنا بإذن الله - تعالى - عن الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر، أي الأفعال الناسخة، وهي: كان وأخواتها، أفعال المقاربة، وظن وأخواتها. وتسمى أفعال ناسخة ناقصة.
ونتناول ذلك بمشيئة الله ﷿ في ثلاثة فصول (كما وضحنا):
- الفصل الأول: كان وأخواتها.
- الفصل الثاني: أفعال المقاربة.
- الفصل الثالث: ظن وأخواتها.
أولًا - معنى الفعل:
نظرًا لأن موضوعنا يتحدث عن (الأفعال الناسخة الناقصة) فأول ما نتحدث عنه هو تعريف لكل مصطلح مما سبق، فسنتحدث عن معنى (الفعل) ومعنى (الناسخ) ومعنى (الناقص) من الناحية النحوية، وليس من الناحية اللغوية البحتة.
فالفعل: قد قُسم بأقسام الزمان الثلاثة: الماضي، الحاضر، والمستقبل. فإذا كانت اللفظة تدل على زمان فقط فهي: اسم. وإذا دلت على معنى وزمان محصل فهي: فعل. (وأعني بالمحصل: الماضي والحاضر والمستقبل).
والفعل: ما كان خبرًا، ولا يجوز أن يُخبر عنه. أي: هو ما يخبر به ولا يخبر عنه. (١) مثل: أخوك يقوم، وقام أخوك، فيكون حديثًا عن الأخ، ولا يجوز أن نقول: ذهب يقوم، أو: يقوم يجلس.
والاسم: ما جاز أن يخبر عنه، وأيضًا يخبر به. مثل: عمرو منطلق، وقام بكر.
أما الحرف: فهو ما لا يجوز أن يخبر عنه، ولا يجوز أن يكون خبرًا. مثل: من، إلى. (٢)
_________
(١) ص ٢٩٧،شرح ابن عقيل ج ١ ص ٢٩٨
(٢) الأصول في النحو ... ج ١ ص ٣٧
1 / 5
وسمي الفعل فعلًاَ؛ لأنه يدل على الفعل الحقيقي، فإذا قلنا: (ضرب) دل على نفس الضرب الذي هو الفعل في الحقيقة؛ فلما دل عليه سُمي به؛ لأنهم يسمون الشيء بالشيء إذا كان منه بسبب. (٣)
وكل الأفعال تتصرف إلا ستة أفعال، هي: نعم، بئس، عسى، ليس، فعل التعجب، وحبذا. وفيها كلها خلاف. (٤) والفعل لا يدخل على الفعل. (٥)
ثانيًا - النواسخ:
الناسخ في اللغة: من النسخ، بمعنى الإزالة. يقال: نَسختْ الشمس الظل، إذا أزالته. وفي الاصطلاح: ما يرفع حكم المبتدأ والخبر.
والنواسخ ثلاثة أنواع:
أ - ما يرفع المبتدأ وينصب الخبر، وهو: كان وأخواتها. ويسمى المبتدأ: اسمًا أو فاعلًا (مجازًا)، ويسمى الخبر خبرًا أو مفعولًا (مجازًا).
ب - ما ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وهو: إن وأخواتها. ويسمى المبتدأ اسمًا، والخبر خبرًا.
ج - ما ينصبهما معًا (ينصب المبتدأ وينصب الخبر)، وهو: ظن وأخواتها. ويسمى الأول مفعولًا أولًا، والثاني مفعولًا ثانيًا. (٦)
ثالثًا - معنى الناقص:
الفعل الناقص: هو الفعل الذي يحتاج إلى خبر لإتمام معناه. فبدون الخبر لا يتم المعنى؛ لذلك سُمي ناقصًا، وهناك خلاف في تسمية ما ينصب الخبر ناقصًا؛ لم سمي ناقصًا؟ فسمي ناقصا لكونه لم يكتف بالمرفوع، وعلى قول الأكثرين: لأنه سلب الدلالة على الحدث، وتجرد للدلالة على الزمان، والصحيح الأفضل هو القول الأول. (٧)
وبذلك فهي أفعال لا تتم الفائدة بها وبمرفوعها، كما تتم بغيرها
_________
(٣) أسرار العربية ... ج ١ ص ٣٥
(٤) السابق ... ج١ ص ٣٥
(٥) السابق ... ج ١ ص ٣٨
(٦) شرح قطر الندى ... ج ١ ص ١٢٧
(٧) السابق ... ج ١ ص ١٣٧
1 / 6
وبمرفوعه، بل تحتاج مع مرفوعها إلى منصوب، هذا نقصها عن الأفعال التامة التي تتم الفائدة بها وبمرفوعها، ونقصانها أيضًا من حيث: أن الأفعال التامة مثل: (ضرب، قتل) إذا وُجد مرفوع هذه الأفعال أصبحت كلامًا، أما الأفعال الناسخة ما لم يأخذن المنصوب مع المرفوع لم يكن كلامًا. (٨) فهي أفعال لا تستغني عن الخبر.
وسبب وجود اسمين بعد الأفعال الناقصة؛ لأنّها دخلت على المبتدأ والخبر، للدلالة على زمن الخبر. وسبب عملها فيهما؛ لأنَّها أفعال متصرِّفة مؤثرة في معنى الجملة فأشبهت (ظننت). وسبب رفعها للمبتدأ، ونصها للخبر؛ لأنَّها تفتقر إلى اسم تسند إليه كسائر الأفعال، فما تسند إليه مشبَّه بالفاعل الحقيقي. (٩)
_________
(٨) المفصل في صنعة الإعراب ... ج ١ ص ٣٤٩
(٩) اللباب علل البناء والإعراب ... ج ١ ص١٦٦
1 / 7
الفصل الأول: كان وأخواتها
1 / 9
محتويات الفصل الأول
كان وأخواتها.
أمثلة حول كان وأخواتها ودخولها على المبتدأ والخبر.
موقف النحويين من كان وأخواتها (كان وأخواتها أفعال أم حروف).
أولًا - كان وأخواتها أفعال.
ثانيًا - كان وأخواتها حروف.
ثالثًا - كان وأخواتها أفعال غير حقيقية (أفعال العبارة).
أقسام كان وأخواتها:
أولًا - من حيث الأوجه التي تأتي عليها.
الوجه الأول - أنها تكون ناقصة.
الوجه الثاني - أنها تكون تامة.
الوجه الثالث - أن يجعل فيها ضمير الشأن والحديث.
الوجه الرابع - أن تكون زائدة غير عاملة.
الوجه الخامس - أن تكون بمعنى صار.
ثانيًا - كان وأخواتها من حيث التصريف:
أ - ما لا يَتَصَرَّفُ.
ب - ما يتصرف تصرفًا ناقصًا.
ج - ما يتصرف تصرفا تامَّا.
ثالثًا - كان وأخواتها من حيث اللزوم والتعدي
رابعًا - كان وأخواتها من حيث شروط عملها:
أ - أفعال تعمل عملًا مطلقًا:
ب - أفعال الاستمرار.
ج - أفعال يتقدمها (ما المصدرية الظرفية).
خامسًا - الظروف وكان وأخواتها.
اسم كان وأخواتها
الرفع باسم كان وأخواتها.
1 / 11
الأنواع التي يأتي عليه اسم كان وخبرها:
أولًا - اسم كان من حيث علامات إعراب
١ - اسم يرفع بالضمة الظاهرة.
أ - في الاسم المفرد.
ب - في جمع المؤنث السالم.
ج - في جمع التكسير.
٢ - اسم يُرفع بضمة مقدرة.
٣ - اسم يرفع بالألف في المثنى بنوعيه.
٤ - اسم يرفع بالواو في جمع المذكر السالم.
ثانيًا - اسم كان من حيث موقعه بالنسبة للفعل
١ - اسم كان وأخواتها بعد الفعل مباشرة.
٢ - اسم كان وأخواتها لا يأتي بعد الفعل.
ثالثًا - اسم كان من حيث النكرة والمعرفة
١ - اسم (كان) معرفة والخبر نكرة.
٢ - اسم (كان) معرفة والخبر معرفة.
٣ - اسم (كان) نكرة والخبر نكرة.
٤ - اسم (كان) نكرة والخبر معرفة.
رابعًا - اسم كان من حيث التقدير والتأويل.
١ - اسم كان مقدرًا.
٢ - اسم كان وأخواتها من مصدر مؤول مكون من أن والفعل.
٣ - اسم كان وأخواتها مسبوقًا بحرف جر زائد.
٤ - اسم كان وأخواتها (فاعل) مجازًا.
1 / 12
خبر كان وأخواتها
دور الخبر في هذه الأفعال.
النصب بخبر كان وأخواتها.
أحوال خبر كان.
أولًا - خبر كان من حيث التقديم والتأخير عن الفعل.
١ - التأخيرعن الفعل واسمه، وهو الأصل.
٢ - التوسط بين الفعل واسمه، (تقديم الخبر على الاسم).
أ - يجوز توسيط الخبر إذا نفي الفعل ب - (ما)
ب - أفعال يجوز معها توسيط الخبر.
ج - أفعال لا يجوز معها توسيط الخبر.
د - أما إذا كان هناك مانعًا من توسط الخبر فلا
يتوسط الخبر في كان وأخواتها، بل يتأخر.
٣ - التقدم على الفعل واسمه.
أ - يجوز تقديم خبر كان وأخواتها في جميعها عدا
الفعلين: دام، ليس.
ب - أفعال لا يجوز فيها تقديم خبرها.
ثانيًا - خبر كان من حيث نوع الخبر.
١ - خبر كان خبر مفرد
٢ - خبر جملة.
أ - خبر جملة اسمية.
ب - جبر جملة فعلية.
٣ - خبر شبه جملة
أ - خبر شبه جملة (من حرف الجر والمجرور).
ب - خبر شبه جملة (من ظرف الزمان).
ج - خبر شبه جملة (من ظرف المكان).
ثالثًا - خبر كان من حيث علامات الإعراب.
١ - خبر كان ينصب بالفتحة الظاهرة.
أ - في الاسم المفرد.
ب - في جمع التكسير.
1 / 13
٢ - خبر كان ينصب بالفتحة المقدرة.
٣ - خبر كان ينصب بالياء.
أ - في المثنى بنوعيه.
ب - في جمع المذكر السالم.
٤ - ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة في جمع المؤنث السالم.
رابعًا - جوانب أخرى لخبر كان.
أ - إتيان معمول خبر كان بعدها.
ب - زيادة الواو في خبر كان.
ج - تعلق حرف الجر بخبر كان.
د - دخول الباء على خبر كان.
هـ - دخول لام كي على خبر كان.
وخبر كان بعد إلا.
ز - خبر كان لا يقوم مقام الاسم.
ط - خبر كان منصوب على الحال.
ك - خبر كان منصوب على المفعول.
الفعل: كان
(كان) أمّ الأفعال الناسخة.
الفصل بين (كان) وغيرها من العوامل.
خبر (كان) ضمير.
اسم كان وخبرها بين الفاعل، والمفعول، والحال.
الأنواع التي تأتي عليها كان.
أولًا - أنواع الفعل كان من حيث العمل.
١ - الفعل (كان) الناقص.
٢ - الفعل (كان) التام.
٣ - الفعل (كان) الزائد.
جواز زيادة الفعل (كان).
أ - أن تكون بلفظ الماضي.
ب - أن تكون بين شيئين متلازمين، لَيْسَا جارًا ومجرورًا.
1 / 14
ثانيًا - أنواع الفعل كان من حيث المعنى الذي يأتي عليه.
١ - بمعنى جاء.
٢ - بمعنى صار.
٣ - بمعنى يكون.
٤ - بمعنى وقع.
٥ - بمعنى خلق.
جواز حذف كان.
شروط حذف (كان) وجوبًا دون اسمها وخبرها.
شروط حذف كان مع اسمها وإبقاء خبرها.
١ - أَن يتقدمها أنْ الشرطية.
٢ - أن يتقدمها لو الشرطية.
جواز حذف كان مع خبرها، مع بقاء اسمها.
جواز حذف (نون) مضارع (كان) المجزوم.
عدم حذف نون مضارع (كان).
خبر كان بين الاتصال والانفصال.
رفع الاسم والخبر بإهمال كان:
تعدي كان إلى المفعول.
النصب بإضمار كان.
رفع الكلمة المهمة في الجملة.
الفعل: أمسى.
الفعل: أصبح.
الفعل: أضحى.
الفعل: ظَلَّ.
الفعل: بات.
الفعل: صار.
الفعل: ليس.
الفعل: بَرِحَ.
الفعل: فَتئِ.
الفعل: انْفَكَّ.
الفعل: دام.
1 / 15
كان وأخواتها
يقول ابن مالك: (١٠)
ترفع كان المبتدا اسما ً والخبر ... تنصبه ككان سيدا ً عمر
ككان ظلّ بات أضحى أصبحا ... أمسى وصار ليس زال برجا
فتئ وانفكّ وهذي الأربعة ... لشبه نفى أو لنفي متبعه
ومثل كان دام مسبوقا ً بما ... كأعط ما دمت مصيبا ً درهما ً
وغير ماض ٍ مثله قد عملا ... إن كان غير الماض منه استعملا
وفي جميعها توسّط الخبر ... أجز وكلّ ّ سبقه دام حظر
كذاك سبق خبر ٍ ما النافية ... فجيء بها متلوّة ً لا تالية
ومنع سبق خبر ٍ ليس اصطفي ... وذو تمام ما برفع ٍ يكتفي
وما سواه ناقص ّ والنقص في ... فتىء ليس زال دائما ً قفي
ولا يلي العامل معمول الخبر ... إلا إذا ظرفا ً أتى أو حرف جرّ
ومضمر الشان اسما ً ان وان وقع ... موهم ما استبان أنّه امتنع
وقد تزداد كان في حشو كما ... كان أصحّ علم من تقدّما
ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرا ً ذا اشتهر
وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب ... كمثل أمّا أنت برّا فاقترب
ومن مضارع ٍ لكان منجزم ... تحذف نون ّ وهو حذف ّ ما التزم
(كان وأخواتها) المقصود بأخواتها: أي نظائرها في العمل، (١١) وجميعها أفعال ناسخة تدخل على المبتدأ والخبر؛ فتغير حال الخبر فتنصبه، ويبقى المبتدأ كما هو عليه من الناحية الإعرابية، ومن ناحية المسمى اللفظي تُغير اسم المبتدأ إلى اسمها، وتُبقي الخبر
_________
(١٠) ألفية ابن مالك
(١١) حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك، محمد بن علي الصبان، ج١ص٤٥٧
1 / 17
كما هو عليه من الناحية اللفظية؛ ولكنه يصير خبرًا لها كما كان لخبر المبتدأ. وتدخل الأفعال الناقصة على الجملة الاسمية لتقيد إِسنادها بوقت مخصوص أو حالة مخصوصة، فهي وسط بين الأفعال التامة والأدوات (أحرف المعاني).
وهي بذلك تغير في المبتدأ فيصبح اسمًا لها، ولكن لا تغير في إعرابه. وتغير في الخبر فتنصبه، ولكن لا تغير في تسميته فهو خبر لها هي. وهذه الأفعال خلعت دلالتها على الحدث وبقيت دلالتها على الزمان. (١٢) وهي أفعال غير حقيقية؛ وإنما تدخل على المبتدأ والخبر، فالفاعل فيها غير فاعل في الحقيقة، والمفعول فيها غير مفعول على الصحة. (١٣) ولكنها لا تخرج عن كونها أفعال لكنها لا تدل على الحدث. (١٤)
وكان وأخواتها عوامل لفظية تدخل على المبتدأ، (١٥) وتعمل فقط في الأسماء (١٦) ولا توصَفُ بِتَعَدٍّ ولا لُزُوم، (١٧) ف - (كان وأخواتها) لفظها لفظ الفعل، وتصاريفها تصاريف الفعل، فنقول: كان، يكون سيكون، كائن، ومثل: أصبح يصبح، وأضحى يضحى، ودام يدوم، وزال يزال؛ لذلك شبهوها بالفعل. ومثل: لستن كضربتن، وليسوا كضربوا. (١٨) ومثل: ليست أمة الله ذاهبة، كقولنا: ضربتْ أمة الله زيدًا.
وهي تختلف عن الفعل الحقيقي في أن: الفعل الحقيقي يدل على معنى وزمان، مثل قولنا: (ضرب) فهو فعل يدل على ما مضى من الزمان وعلى الضرب الواقع فيه، أما الفعل (كان) فهو فعل يدل على ما مضى من الزمان فقط، و(يكون) تدل على ما أنت فيه من الزمان وعلى ما يأتي فهي تدل على زمان فقط؛ لذلك أدخلوها على المبتدأ وخبره؛ فرفعوا بها المبتدأ تشبيهًا بالفاعل، ونصبوا بها الخبر تشبيهًا بالمفعول. فنقول: كان عبدُ اللهِ أخاك، كما نقول: ضرب عبد الله أخاك. فإذا قلنا (كان زيد قائمًا) فإنما معناه: زيد قام فيما مضى من الزمان، فإذا قلنا: أصبح عبد الله منطلقًا، فإنما المعنى: أتى الصباح وعبد الله منطلق، فهذا تشبيه لفظي، وكثيرًا ما يعملون الشيء عمل الشيء إذا أشبهه في اللفظ وإن لم يكن مثله في المعنى.
_________
(١٢) اللباب علل البناء والإعراب ج ١ ص ١٠٧
(١٣) الأصول في النحو ... ج ١ ص ٨١
(١٤) مسائل خلافية في النحو ... ج ١ ص ٦٩
(١٥) أسرار العربية ... ج ١ ص ٧٨
(١٦) الأصول في النحو ... ج ١ ص ٥٨
(١٧) أوضح المسالك ... ج ٢ ص ١٧٦
(١٨) الأصول في النحو ... ج١ ص ٨٢
1 / 18
وبعض هذه الأفعال يمتنع من التصرف؛ وهي أفعال لا تبنى بناء الأفعال التي تحتوي على الياء في مقدمتها؛ لأننا إذا قلت (كان) دلت على ما مضى، وإذا قلنا (يكون) دلت على ما هو فيه وعلى ما لم يقع. وإذا قلت: ليس زيد قائمًا الآن أو غدًا، أدت ذلك المعنى الذي في يكون، فلما كانت تدل على ما يدل عليه المضارع استغني عن المضارع فيها، ولذلك لم تبن بناء الأفعال التي تحتوي على الياء في مقدمتها، مثل باع، وبات. (١٩)
من هنا فإن كان وأخواتها أفعال تدل على الزمان فقط. (٢٠) وهي ترفع المبتدأ وتنصب خبره ويسمى المرفوع بها اسمًا لها، والمنصوب بها خبرًاَ لها، (٢١) وألفاظها ثلاث عشرة لفظة: كان، أمسى، أصبح، أضحى، ظل، بات، صار، ليس، زال، برح، فتئ، انفك، ودام. (٢٢)
_________
(١٩) السابق ... ج ١ ص ٨٣
(٢٠) السابق ... ج ١ ص ٨٢
(٢١) شرح ابن عقيل ... ج ١ ص ٢٦٣
(٢٢) شرح قطر الندى ... ج ١ ص ١٢٧
1 / 19
- أمثلة حول كان وأخواتها ودخولها على المبتدأ والخبر:
كان زيدُ قائمًَا.
أصبح الأميرُ مسروراَ. ً
أمسى الحارس مستيقظًا.
أضحت الممرضات نشيطات.
ظل جعفرُ جالسًا.
بات أخوك لاهيًا.
صار محمدُ كاتبًَا.
ليس الرجلُ حاضرا. ً
ما دام سعيدُ كريمًَا.
ما زال أبوك عاقلًاَ.
ما انفك قاسمُ مقيمًَا.
ما فتئ عمرو جاهلًاَ.
ما برح الكاتب قاعدًا.
- أمثلة لما تصرف من أخوات كان:
يكون أخوك منطلقا.
ليصبحن الحديث شائعا. (٢٣)
_________
(٢٣) بعض الأمثلة من كتاب: اللمع في العربية ... ج ١ ص ٣٦
1 / 20
موقف النحويين
من كان وأخواتها (كان وأخواتها أفعال أم حروف)
اختلف النحويون فيما بينهم، فمنهم من قال: أن كان وأخواتها أفعال، ومنهم من قال: أنها حروف، وهناك فريق رأى: أنها أفعال غير حقيقية. وهذا على النحو التالي:
أولًا - كان وأخواتها أفعال
ثانيًا - كان وأخواتها حروف.
ثالثًا - كان وأخواتها أفعال غير حقيقية (أفعال العبارة).
أولًا - كان وأخواتها أفعال
المعروف والصحيح أن كان وأخواتها أفعال، والدليل على ذلك من أوجه:
الوجه الأول - أنها تلحقها تاء الضمير وألفه وواوه.
مثل: كنت، كانا، كانوا.
كما نقول في غير الأفعال الناسخة: قمت، قاما، قاموا.
الوجه الثاني - تلحقها تاء التأنيث الساكنة، وهذه التاء تختص بالأفعال.
مثل: كانت المرأة.
كما نقول في غير الأفعال الناسخة: قامت المرأة.
الوجه الثالث - أنها تتصرف.
مثل: كان يكون، وصار يصير، وأصبح يصبح، وأمسى
يمسي، وكذلك سائرها. ما عدا ليس (٢٤).
الوجه الرابع - دلالتها على معنى في نفسها، وهو الزمان. (٢٥)
_________
(٢٤) أسرار العربية ... ج ١ ص ١٣٠
(٢٥) اللباب علل البناء والإعراب ... ج ١ ص١٦٤
1 / 21
مثل: أمسى، فهي تدل على الفعل في وقت المساء.
أصبح، فهي تدل على فعل في وقت المساء.
أضحى، فهي تدل على فعل في وقت الضحى.
ثانيًا - كان وأخواتها حروف
ذهب بعض النحويين إلى أنها حروف وليست أفعالًا؛ واستدلوا بقولهم:
١ - أنها لا تدل على المصدر ولو كانت أفعالًا لكان ينبغي أن
تدل على المصدر؛ فلما لم تدل على المصدر دل على أنها
ليست أفعالًا. (٢٦)
٢ - أنها تشبه الحروف في أنَّها لا تدلّ على الحدث، وإنَّما هي أفعال
لفظيَّة.
وقد قصدوا بالحروف: الطريقة؛ لأن لهذه الأفعال في النحو طريقة تخالف فيها بقيَّة الأفعال، ولهذه العلَّة خصّوها من بين الأفعال بالدخول على المبتدأ والخبر. (٢٧)
ثالثًا - كان وأخواتها أفعال غير حقيقية
(أفعال العبارة)
وهناك فريق يرى أن هذه الأفعال هي: أفعال؛ ولكنها أفعال غير حقيقة، لأنها ناقصة.
وفي الرد على من قال بأن كان وأخواتها حروفًا، جاء هذا الرد الذي يقول: إن كان وأخواتها لا تدل على المصدر لأنها أفعال غير حقيقية، فالمصدر يكون في الأفعال الحقيقية، وهذه أفعال غير حقيقية. ولهذا المعنى تسمى " أفعال العبارة ". (٢٨)
_________
(٢٦) أسرار العربية ... ج ١ ص ١٣٠
(٢٧) اللباب علل البناء والإعراب ... ج ١ ص ١٦٥
(٢٨) أسرار العربية ... ج ١ ص ١٣١
1 / 22
أقسام كان وأخواتها
لكان وأخواتها أقسام متعددة، كل قسم يحتوي على تصنيف يضم بجانبه إحدى أخوات كان، فلذلك يمكن تقسيمها إلى عدة أقسام:
أولًا - من حيث الأوجه التي تأتي عليها.
الوجه الأول - أنها تكون ناقصة.
الوجه الثاني - أنها تكون تامة.
الوجه الثالث - أن يجعل فيها ضمير الشأن والحديث.
الوجه الرابع - أن تكون زائدة غير عاملة.
الوجه الخامس - أن تكون بمعنى صار.
ثانيًا - كان وأخواتها من حيث التصريف:
أ - مالا يَتَصَرَّفُ.
ب - ما يتصرف تصرفًا ناقصًا.
ج - ما يتصرف تصرفا تامَّا.
ثالثًا - كان وأخواتها من حيث اللزوم والتعدي
رابعًا - كان وأخواتها من حيث شروط عملها:
١ - أفعال تعمل عملًا مطلقًا.
٢ - أفعال الاستمرار.
٣ - أفعال يتقدمها (ما المصدرية الظرفية).
خامسًا - الظروف وكان وأخواتها
وهنا تعريف مبسط بكل قسم وما يحتوي عليه من أخوات كان.
1 / 23
أولًا - كان وأخواتها من حيث الأوجه التي تأتي عليها
تنقسم كان وأخواتها من حيث الأوجه التي تأتي عليها إلى خمسة أوجه: الوجه الأول - أنها تكون ناقصة
الوجه الثاني - أنها تكون تامة
الوجه الثالث - أن يجعل فيها ضمير الشأن والحديث.
الوجه الرابع - أن تكون زائدة غير عاملة.
الوجه الخامس - أن تكون بمعنى صار.
الوجه الأول - أنها تكون ناقصة:
فتدل على الزمان المجرد عن الحدث، ويلزمها الخبر.
مثل: كان زيدٌ قائمًا.
فهي هنا كان الناقصة التي تحتاج إلى الخبر.
الوجه الثاني - أنها تكون تامة:
فتدل على الزمان والحدث معًاَ، كغيرها من الأفعال الحقيقية، ولا تحتاج إلى خبر، أي مستغنية بمرفوعها. (٢٩) فهي تدل على وقوع الحدث.
مثل: قوله تعالى ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. (٣٠)
أى: وإن حَصَلَ ذو عُسْرَة، أي: حدث ووقع. (٣١)
ومثل: قال تعالى: (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً). (٣٢)
وقال تعالى: (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ). (٣٣)
وقال تعالى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ
صَبِيًّا). (٣٤)
_________
(٢٩) أوضح المسالك ج ١ ص ٢٥٣،أسرار العربية ج ١ ص١٣١
(٣٠) سورة البقرة، الآية ٢٨٠
(٣١) أوضح المسالك ... ج ١ ص ٢٥٤
(٣٢) سورة البقرة، الآية ٢٨٢
(٣٣) سورة النساء، الآية ٢٩
(٣٤) سورة مريم، الآية ٢٩
1 / 24
أي: وجد وحدث، وصبيًا منصوب على الحال، ولا يجوز أن تكون كان هنا الناقصة؛ لأنه لا اختصاص لسيدنا عيسى ﵇ في ذلك، لأن كلامه قد كان في المهد صبيًا، ولا عجب في تكليم من كان فيما مضى في حال الصبي، وإنما العجب في تكليم من هو موجود في المهد في حال الصبي، فدل على أنها هنا بمعنى وجد وحدث.
قال الشاعر:
فدى لبنى ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (٣٥)
أي: حدث يوم.
وقال آخر:
إذا كان الشتاء فادفئوني ... فإن الشيخ يهدمه الشتاء
أي: حدث الشتاء. (٣٦)
وقال تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ (٣٧)
أى: حين تَدْخُلوُن في الَمسَاء وحين تَدْخُلُونَ في الصَّبَاح
قال تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء
رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ (٣٨)
وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (٣٩)
أي: ما بَقِيَتْ السموات والأرض.
ومثل: وَبَاتَ وَبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ. (٤٠)
ومثل: بَاتَ بالْقَوْمِ. أي: نزل بهم.
ومثل: ظَلَّ الْيَوْمُ. أى: دام ظِلُّهُ.
ومثل: أَضْحَيْنَا. أي: دَخَلنْاَ في الضُّحَى. (٤١)
_________
(٣٥) البيت الشعري من كتاب: أسرار العربية ج ١ص١٣٢
(٣٦) السابق ... ج ١ص١٣٢
(٣٧) سورة الروم، الآية ١٧
(٣٨) سورة هود، الآية ١٠٧
(٣٩) سورة هود، الآية ١٠٨
(٤٠) أوضح المسالك ... ج ١ ص ٢٥٤
(٤١) السابق ... ج ١ ص ٢٥٥
1 / 25