الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات
الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات
خپرندوی
دار التحبير للنشر والتوزيع - الرياض
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
د خپرونکي ځای
السعودية
ژانرونه
غطاه) (^١)، قال ابن عبدالبر: (قال أهل المدينة، وسائر أهل الحجاز، وعامة أهل الحديث وأئمتهم: إن كل مسكر خمر، حكمه حكم خمر العنب في التحريمِ، والحدِّ على مَنْ شرب شيئًا من ذلك كله) (^٢).
- وذهب الحنفية (^٣)، وبعض المالكية (^٤)، وأكثر الشافعية (^٥)، إلى أن الخمر هو: (عصير العنب إذا صار مسكرًا)، ويطلق الخمر على غيره مجازًا لا حقيقة.
- ومحل النزاع: إنما هو في النبيذِ (^٦) ونحوه إذا غلى واشتد، وشُرب منه القدرُ الذي لا يُسكر (^٧)، فهل يحرم ويجري عليه أحكام الخمر؟ وماذهب إليه الجمهور هو الصحيح، ومما يدل على ذلك: ماجاء في الصحيحين عن أنس ﵁ قال: كنت ساقي القوم يوم
(^١) المصباح المنير (١/ ١٨١).
(^٢) التمهيد (١/ ٢٤٥).
(^٣) انظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٢)، الهداية في شرح البداية (٤/ ٣٩٣). قال ابن عابدين: (الخمر حقيقة تطلق على ما ذكرنا، وغيره كل واحد له اسم مثل المثلث والباذق والمنصف ونحوها وإطلاق الخمر عليها مجازا وعليه يحمل الحديث [حديث: "كل مسكر خمر"ونحوه]). رد المحتار (٦/ ٤٤٨)، وأبوحنيفة قيد عصير العنب الذي يسمى خمرًا بوصف الغليان والشدة وقذف الزبد، وقذفُ الزبد تفرد بذكره أبوحنيفة، وخالفه الصاحبانِ وجمهورُ العلماء؛ فلم يذكروا إلا الغليان والشدة، والتقييد بوصف السكر أقرب.
(^٤) انظر: حاشية الدسوقي (٤/ ٣٥٢).
(^٥) قال الشافعي في الأم (٦/ ٢٢٣): (والخمر: العنب الذي لا يخالطه ماء ولا يطبخ بنار ويعتق حتى يسكر)، وقال الهيتمي: (وحقيقة الخمر عند أكثر أصحابنا المسكر من عصير العنب) تحفة المحتاج (٩/ ١٦٦)، وفي الإقناع للشربيني (٢/ ٥٣٠): (ونسب الرافعي إلى الأكثر أنه لا يقع عليها [أي: المسكرة من غير العنب] إلا مجازًا، أما في التحريم والحد فكالخمر).
(^٦) النبيذ: هو نبيذ التمر والزبيب وغيرهما، سمي بذلك لأنه ينبذ فيه ويترك حتى يشتد. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص (٤٦)، المصباح المنير (٢/ ٥٩٠).
(^٧) انظر: حاشية العدوي على شرح الخرشي (٨/ ١٠٨)، وذكر أن هذا هو محل النزاع بينهم وبين الحنفية، مع أنه وافقهم في تعريف الخمر.
1 / 93