71

Al-Wasatiyah in the Light of the Holy Quran

الوسطية في ضوء القرآن الكريم

خپرندوی

الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات

ژانرونه

وفي الحديث الآخر: «مّنْ بدا جفا» (١) . بالدّال المهملة، خرج إلى البادية، أي: من سكن البادية غلظ طبعه، لقلّة مخالطة النَّاس. والجفاء غلظ الطّبع. وفي صفته، ﷺ ليس بالجافي المهين، أي ليس بالغليظ الخلقة، ولا الطّبع (٢) . وقال - تعالى -: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ (الرعد: من الآية ١٧) . قال الطبري: وأمَّا الجفاء، فإني حدّثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنَّى، قال: قال أبو عمرو بن العلاء: يُقال: قد أجفأت القدور، وذلك إذا غلت فانصبّ زبدها، أو سكنت فلا يبقى منه شيء. وقد زعم بعض أهل العربيَّة من أهل البصرة أن معنى قوله: ﴿فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ (الرعد: من الآية ١٧) تنشفه الأرض، وقال: يقال: جفا الوادي وأجفى: في معنى نشف (٣) . وقال - تعالى -: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ (السجدة: من الآية ١٦) . قال الطبري: تتنحَّى جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، الذين وصفت صفتهم، وترتفع عن مضاجعهم التي يَضْطَجعون لمنامهم، ولا ينامون. وتتجافى: تتفاعل من الجفاء، والجفاء: النبو. وإنَّما وصفهم - تعالى ذكره - بتجافي جُنوبهم عن المضاجع لتركهم الاضطجاع للنوم شغلا بالصّلاة.

(١) - أخرجه أحمد (٢ / ٣٧١، ٤٤٠) . وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة رقم (١٢٧٢) . (٢) - انظر: لسان العرب مادة (جفا) . (٣) - انظر: تفسير الطبري (١٣ / ١٣٧) .

1 / 71