Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
ایډیټر
علي معوض وعادل عبد الموجود
خپرندوی
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
لمن أراد أن يستفيض في هذا الموضوع أو يستقصيّهُ.
يقول جلالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ في أرجوزته :
وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ أنْ تَمْضِي الْمِائَهُ .. وَهْوَ عَلَىْ حَيَاتِهِ بَيْنَ الْفِئَهْ
ويقول أيضاً:
وَالْخَامِسُ الْحِبْرُ هُوَ الْغَزَالِي.. وَعَدُّهُ مَا فِيهِ مِنْ جِدَالٍ
ومن الواضح البَيِّن أنَّ الشُّرُوطَ والمواصَفَاتِ الَّتي ذِكَرَها جلالُ الدِّين الشُّيُوطيُّ تنطبق تماماً علَى إمامِنَا أبي حَامِدِ الغَزَّاليِّ - رحمه الله تعالى - وطيّب ثَرَاهُ.
ومن المؤسِفِ أنَّ بَعْضَ من ترجَمٍ للإمامِ الغَزَّاليِّ، من الباحِثِينَ في العَصْرِ الحديث - قد هَضَمَ الغَزَّالِيَّ حقَّهُ، فعلى سبيلِ المِثَالِ نِجِدُ زَكِي مُبَارِك في كتابه («الأخْلَاق عِنْدَ الغَزَاليِّ)) قد جَحَدَ الغَزاليَّ بعْضَ مكانتِهِ السَّامَة، ولم يُوَفِّه حقَّهُ الذي يستحقُّهُ، والذي لا مِرَاءَ فيه، عند أئمّة التحْقِيقِ، والترْجَمَة.
فها هو يتهكَّم علَى مَنْ يصفُ الغَزَّالِيَّ بأنَّه مجدِّدُ القَرْنِ الخَامِسِ، ويصف هذه الفكرة بأنَّها سخيفةٌ، ونحنُ نرَى أنَّ السَّخافة حقاً فيما سَطَّر زكي مبارك، وفيما خَطَّتْ يمينُهُ، إذْ إنَّ رَأْيَهُ مخْضُ هُرَاءٍ، ولا يستندُ عَلى أساسٍ صحيحٍ أو دليلٍ يُعضِّده.
وأنَّى لمثل هَذَا المُتَطَاوِلِ علَى علماءِ الأمَّة مِنْ كلامِ الحافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ سَيِّدِ العُلَماءِ فِي كِتَابِهِ القَيِّم ((تَبْيين كَذِبِ المُفْتَرِيِ فيما نَسَبَ إلى أبي الحَسَنِ الأشَّعَرِي))؛ أنَّه نقل عن بعضهم أنَّ الذي كانَ على رأسِ المائَةِ الخَامِسَة أَمِيرُ المؤمِنِينَ المسترشِدُ بالَّله، ثم قال: ((وعندي أن الذي كانَ علَى رأسِ الخَمْسِمِائَةِ الإِمامُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ الغَزَّالِيُّ الطُّوسيُّ الفَقِيهُ؛ لأنه كان عالماً، عاملاً، فقيهاً فاضلاً، أصولياً كاملاً، مصنّفاً عاقلاً، أَنْتَشَرَ ذكْرُهُ بالعلْمِ في الآفاقِ، وَبَرَّزَ عَلَى مَنْ عاصَرَهُ بِخُرَاسَانَ والشَّامِ والعِرَاقِ ..
وحيث إنَّ زكي مبارك يُعَضِّد كلامَهُ بحجج أو أدلَّة، فإننا أيضاً نتركُ كلامَهُ هَمَلاّ دُونَ رَدِّ أو استدلالٍ، بل يكفينا ما قاله العلماءُ والفقهاءُ في حقُّه قديماً وحديثاً؛ حيث سنتعرضُ لثناءِ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ في هذه الشُّطُورِ القادمة - إن شاء الله تعالى - قال شيخُهُ إمامُ الحَرَمَيْنِ: الغَزَّالِيُّ بَحْرٌ مُغْدِق)).
وقال الحافظُ أبو طَاهِرِ السِّلَفِيُّ: سمعتُ الفقهاءَ يقولُونَ: كان الجُوَيْنِيُّ، يعني إمامَ الحرميْنِ، يقولُ في تلامذَتِهِ، إذا ناظرُوا: التحقيقُ لِلْخَوَافِيِّ، والْحَدْسِيَاتُ لِلْغَزَّالِيِّ، وَالبَيَانُ لِلْكِيَا.
وقال تلميذُه الإمامُ محمَّدُ بنُ يَخْتَى: الغَّالِيُّ هو الشَّافِعِيُّ الثَّاني.
وقال أسْعَدُ المِيَّهِنيُّ: لا يصلُ إلَىْ معرفةٍ عِلْمِ الغَزَّالِيِّ، وفَضْلِهِ إلَّ من بلَغَ، أو كان يَبْلُغُ الكمالَ
92