Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
ایډیټر
علي معوض وعادل عبد الموجود
خپرندوی
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
وقد صَحَّ أن هذا الحديثَ ذُكِرَ في مَجْلِسِ أبِي العَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، فقام شيخٌ من أهل الْعِلْمِ، فقال: أَبْشِرْ أَيُّهَا القَاضِي؛ فإنَّ الله تَعالَى بَعَثَ عَلَى رأس المائة عُمَرَ بْنَ عبدِ العزيزِ، وعلى الثانية الشافعيَّ، وبَعَثَكَ عَلَى رَأْسِ الثَّلاَثِمِائَةِ، ثم أنشأ يقول: [الكامل]
إِثْنَانِ قَدْ مَضَيَا فَبُورِكَ فِيهِمَا عُمَرُ الخَلِيفَةُ ثُمَّ حِلْفُ السُّؤْدَدِ
قال: فصاح أبو العبّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ، وبَكَىْ، وقال: لقد نَعَى إِلَىَّ نَفْسِي.
ورُوِيَ أنه مَاتَ في تَلْكَ السَّنَّة.
وقال آخَرُونَ: إنما المبعوثُ علَى رأسِ المائةِ الثالثةِ أَبُو الحَسَنِ الأشْعَرِيُّ؛ لأنه القائمُ في أصْلٍ الدِّينِ، المناضلُ عنْ عقيدةِ المُوَحِّدِينَ، السَّيْفُ المسلولُ على المعتزلةِ المَارِقِينَ، المغبِّرُ في أَوْجُهِ المبتدعة المخالفين.
وعنْدي: أنه لا يَبْعُدُ أن يكون كلٌّ منهما مبعوثاً؛ هذا في فروع الدِّين، وهذا في أصولِهِ، وكلاهما شافعيُّ المَذْهَبِ، والأرجحُ إنْ كان الأمْرُ مُنْحَصِراً في واحِدٍ أن يكونَ هو ابْنَ سُرَيْجٍ.
وأما المائةُ الرابعةُ، فقد قيل: إنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدِ الأَسْفَرَانِيَّ هو المبعوثُ فيها، وقيلَ : بَلٍ الأستاذُ سَهْلُ بْنُ أبي سَهْلٍ الصَّعْلُوكِيُّ، وكلاهما من أئمة الشافِعِيِّينَ، وعظماءِ الراسخين.
قال أبو عبدالله الحَاكِمُ: لما رَوَيْتُ أنا هذه الروايةَ - يَعْنِي أَبْنَ سُرَيْجِ والأَبِيَات - كتَبُوهَا، يعني أهْلَ مَجْلِسِهِ، وكان ممَّنْ كتبها شيخٌ أديبٌ فقيهٌ؛ فلما كان في المجلِسِ الثّاني، قال لي بعضُ الحاضِرِينَ: إنَّ هذا الشَّيْخَ قد زاد في تِلْكَ الأبياتِ، ذِكْرَ أبي الطَّيِّبِ سَهْلٍ، وجعله على رأس الأربعمائةِ، فقال من قصيدة مدحه بها: [الكامل]
وَالِرَّبُعِ المَشْهُورُ سَهْلُ مُحَمَّدٍ أَضْحَى عَظِيماً عِنْدَ كُلِّ مُوَحَّدٍ
قال الحاكمُ: فلما سمعتُ هذه الأبياتَ المزيدة، سَكَتُّ، ولم أنْطِقْ، وغَمَّنِي ذلك، إلى أنْ قَدَّرَ الله وفاتَهُ تِلْكَ السَّنَة.
قلتُ: وَالخَامِسُ الغَزَّالِيُّ.
والسادِسُ: الإمامُ فَخْرُ الدينِ الرَّازِيُّ، ويحتملُ أن يكونَ الإمامَ الرَّافِعِيَّ، إلاَّ أن وفاته تأخّرَتْ إلى بعد العِشْرينَ وستمائة، كما تأخَّرت وفاة الأشعريِّ، ومن العَجَبِ موتُ ابْنِ سُرَيْجِ سنةَ سِتٍّ وثلثمائة، والاختلافُ فيه وفي الأشعريِّ، وموتُ الأشعريِّ بعد العشرين، وكذلك موتُ الإمامِ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الخَطِيبِ سنةَ سِتٍّ وستمائة، والنَّظَرُ فيه وفي الرافعيِّ، وتَأَخَّرَتْ وفاته هكذا.
90