55

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

ایډیټر

علي معوض وعادل عبد الموجود

خپرندوی

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۸ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

فقه شافعي

كذلك معاني الفَلْسَفَة؛ وَفْقاً لعدد المَذَاهِب والاتجاهاتِ الفَلْسَفِيَّة.

كما أنَّ الفلْسَفَةَ عمليَّة أو نشاطٌ أكْثَرُ من كونها موضُوعاً، أو بناءً للمعرفة، وتعريفُ النشاطِ أَصْعَبُ دائماً من تعريف الكِيَانِ، أو الشَّيْء المُحَدَّدِ المَعالِمِ.

لكِنَّنَا إذا بحثْنَا الأصْلَ اللُّغَوِيَّ للكَلَمة، فسنجدُ أنَّ الفلسفَةَ كلمةٌ يونانيَّةٌ قديمةٌ مركّبة من مقْطَعَيْن ((فِيلُو)) «Fileo»، ومعناه: ((مَحَبَّة))، أو ((سعى إلَى)) «Love» «strive»، و«سُفْيًا)) «Sophia»، ومعناه حكمةٌ، أو مَعْرِفَة، Wisdom, Knowledge ومن ثَمَّ، فإنَّ المعنى الاشتقاقِيَّ للفلسفة يكون: مَحَبَّة الحكمةِ، أو السَّعْي إلَى المَعْرِفة.

وهذا التعريفُ يتضمَّن أمْرَیْن:

الأوَّل أنَّنا لا نملكُ الحِكْمَةَ؛ فَمن طبيعةِ الفَلْسَفَة أن تَسَعى في طلَبِ الحِكْمَةِ التي تطلُّ ممتنعةً علَيْها.

الأمرُ الثَّاني: هو المقابلَةُ بَيْنِ الحِكْمَةِ الإلهيّةِ، ومحبَّة الحكمة البَشَريَّة، فالإنْسَانُ لا يسعَى في طلَب الحكْمَة أَيّاً كانَتْ، وإنما يسعَى إلى الحَكْمَة الإلهيّةُ(١).

ولقد سَرَت الفلسفةُ في الشَّرْق الإسْلامِيِّ، وبَسَطَتْ سلطانَهَا عَلَيْهِ، وجرى الناسُ وراءَ النظريَّات والجَدَل؛ حيثُ أثرت الفلْسَفَةُ في أدلّة الفقْهِ، وفي علْمِ الكلامِ، وفي غيرهما من العُلُوم.

لكنَّ طائفةً من علماء المسلمينَ نهَضُوا لَهَدْمِ هذا العلْمِ، وبالأخصِّ الفلسفةُ اليونانيَّةُ، وتعاليمُ أرِسْطُو، وأفْلاَطُونَ التي تناقضُ أصُول الدِّين ومبادئَةً.

الغَزَّالِيُّ والفَلْسَفَةُ:

حدَّثنا الغزَّالِيُّ عن سبب دراسَتِهِ الفَلْسَفَةَ، ومطالَعَتِهِ كلَّ ما أُلٌّف فيها؛ وذلكَ في كتابه «المُنْقِذْ من الضَّلال»۔ إذ يقول:

(ثم إنِّي ابتدأتُ بعد الفراغ من علْمِ الكلامِ بعلْمِ الفلسفةِ، وعلمْتُ يقيناً أنه لا يقفُ على فسادٍ نَوْعٍ من العلومِ مَنْ لا يقفُ على مَنتهَى ذلك العلْمِ، ثمّ يزيدُ عَلَيْهِ، ويجاوزُ درجَتَهُ، فيطلع علَى ما لم يطلَعٍ عَلَيْه صاحبُ العلْمِ من غَوْر وغائله؛ وإذْ ذاك يمكنُ أنْ يكونَ ما يدَّعِيهِ مِنْ فَسَاده حقّاً، ولم أر أحداً من علماءِ الإسلامِ صَرَفَ عنايتَهُ وهمَّته إلى ذلك.

ولم يكنْ في كتب (المتكلِّمين) من كلامِهِمْ حيثُ اشتغلُوا بالردِّ عليهم إلاَّ كلماتٌ معقّدةٌ مبدَّدة ظاهرةُ التناقضِ والفَسَاد، لا يُظَنُّ الاغترارُ بها بعاقلٍ عَامِّيٍّ، فضْلاً عمَّنْ يدَّعي دقائقَ العلومِ، فَعَلِمْتُ أن ردَّ المذهب قبل فهْمِهِ، والاطلاع على كنْهِهِ - رَدِّ في عَمَايَةٍ، فشمَّرت عن ساق الجِدِّ في تحصيلِ ذلك العِلْمِ من الكتبِ بمجرَّد المطَالعَةِ من غير استعانَةٍ بأستاذ، وأقبلْتُ علَى ذلك في أوقاتِ فراغِي من

(١) ما هي الفلسفة؟ د/ حسين علي.

55