Al-Wadhi in Quranic Sciences
الواضح في علوم القرآن
خپرندوی
دار الكلم الطيب / دار العلوم الانسانية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
التي ستكون سبب نجاته ومن معه من المؤمنين، ثم يسدل الستار ليرتفع ثانية عن مشهد نوح ﵇ وهو يقوم بصنع السفينة، مقبلا على ذلك بكليته، تنفيذا لأمر الله
﷿، بينما قومه الهلكى من حوله يهزءون ويسخرون.
والفجوة التي تركها العرض بين المشهدين ليملأها الخيال: هي تلك الأحداث التي لا بد منها، من العزم على الصنع، وإحضار المواد الأولية، وإنما طويت حتى لا تفسد بذكرها العرض الفني للقصة.
٢ - قصة مريم ﵍: التي تضعنا أمام مشهد يصور لنا تلك العذراء البتول، وقد أتاها الروح القدس في هيئة إنسان ليقول لها: إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا وتجيبه مستغربة دهشة: قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا فيخبرها بأنه فعل الذي لا يعجزه شيء، ويطلعها على الحكمة من ذلك: قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا. ثم يسدل الستار ليرتفع عن مشهد هذه العذراء وقد أثقلها حملها، فتنحت جانبا من القوم وهي قلقة خائفة، وإذا بالمخاض يلجئها إلى جذع نخلة تستقر تحتها لتلد النور والهداية لتلك البشرية الضائعة في ذلك الجيل:
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكانًا قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا [مريم: ٢٢ - ٢٣].
ويلاحظ بين المشهدين فجوة فنية كبرى، تترك للخيال أن يتصورها كما يشاء له التصور.
1 / 196